للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاقلة قيم الأموال لم يتحمل دية النفوس، ولأن العاقلة لو تحملت دية الخطأ لتحملت دية العمد، ولأن الدية عقوبة فلم تتحملها العاقلة كالقود، ولأن القتل الخطأ موجبين: الدية والكفارة، فلما لم تتحمل العاقلة الكفارة لم تتحمل الدية.

والدليل على أن العاقلة تتحمل الدية قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:٢] وتحمل العاقلة من جملة البر والتقوى فدخل في عموم الآية، وروي سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتًا بغرة عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها.

وروي أبو سلمة عن أبي هريرة قال: اقتتلت امرأتان من بني هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثتها والدها ومن معه، فقال حمل بن مالك النابغة الهذلي: يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ومثل ذلك بطل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا من إخوان الكهان" من أجل مسجعه الذي سجعه.

وروي الشعبي عن جابر أن امرأتي من هذيل قتلت إحداهما الأخرى ولكل واحدة منهما زوج وولد، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عاقلة القاتلة وروى أبو عازب عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "القود بالسيف والخطأ على العاقلة".

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم ميز بين معاقل قريش والأنصار فجعل معاقل قريش فيهم، ومعاقل الأنصار في بني ساعدة.

وروي حماد عن إبراهيم أن عليًا والزبير اختصما إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في موالي صفية بنت عبد المطلب لأن الزبير ابنها وعلي ابن أخيها، فقضى للزبير بالميراث وعلى علي بالعقل.

ولأن إجماع الصحابة انعقد في قصة عمر بن الخطاب حين أنفذ رسوله إلى امرأة في قذف بلغه عنها فأجهضت ذات بطنها، فسأل عثمان وعبد الرحمن فقالا: لا شيء عليك إنما أنت معلم، وسأل عليًا فقال: إن كانا اجتهدا فقد أخطأ وإن كانا ما اجتهدا فقد غشيا عليك الدية، فقال عمر: غرمت لا تبرح حتى تضربها على قومك يعني قريشًا لأنهم عاقلته، فقضى بها عليهم فتحملوها عنه، ولم يخالفه منهم ولا من جميع الأمة أحد مع انتشار القضية، وظهورها في الكافة، فثبت أنه إجماع لا يسوغ خلافه، ولأن

<<  <  ج: ص:  >  >>