شاء منهم، لأنها تؤخذ بواجب وتترك بعفو، والأولى أن يفضها على من كان أسرع إجابة إليها، وإنما خص بها بعضهم؛ لأنه لما تقدر ما يتحمله كل واحد منهم لم يجز الزيادة عليه لم يجز النقصان منه، ونقل المزني عن الشافعي تعليل هذا القول في أخذها من بعضهم دون بعض، لأن العقل لزم الكل، واختلف أصحابنا فيما نقله من هذا التعليل هل وهو فيه أو سلم؟ على وجهين:
أحدهما: أنه وهم فيه وهو تعليل القول الأول، وهذا قول أبي حامد المروزي.
والثاني: أنه سلم فيه، ومن قال بهذا اختلفوا هل حصل في النقل عنه سهو أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: أنه ما حصل فيه سهو، وهو تعليل صحيح، لهذا القول أنه يؤخذ ن بعضهم دون بعض؛ لأن العقل لزم الكل، فإذا أخذ من بعضهم لم يخرج من جملة من لزمه من العقل فجاز الاقتصار عليه لدخوله في اللزوم.
والثاني: قد حصل في النقل عنه سهو، ومن قال بهذا اختلفوا في المحذوف بالسهو على وجهين:
أحدهما: أن الذي نقله المزني لا يأخذها من بعضهم دون بعض؛ لأن العقل لزم الكل، ويكون ذلك إشارة إلى القول الأول فسها الناقل عنه فحذف لا فصار القول الثاني.
الثاني: أن الذي نقله المزني يأخذها من بعضهم دون بعض، لأن العقل لزم الكل وهو تعليل للقول الثاني إن لم يلزم الكل إذا أخذها من البعض فسها الناقل عنه في حذف الألف التي أسقطها من لا أن حين نقل لأن [.......].
فصل:
وأما الحالة الثانية: وهو أن يكون جميع عاقلته غيبًا عن بلده كأنه جني بمكة وعاقلته الشام، فعلى حاكم مكة أن يكتب إلى حاكم الشام حتى يفضها على عاقلته بالشام، ولحاكم مكة فيما يكاتب حاكم الشام حالتان:
إحداهما: وهو أقل ما يجزئ أن يكتب به أن يقول: ثبت عندي أن فلانًا قتل فلانًا خطأ مضمونًا، فيذكر القاتل باسمه ونسبه وقبيلته، ويذكر المقتول باسمه ونسبه وإسلامه وحريته، لاختلاف الدية بالإسلام والحرية، ولا يلزمه أن يذكر قبيلة المقتول وإن لزمه أن يذكر قبيلة القاتل لتوجيه الحكم على قبيلة القاتل دون المقتول، فيكون حاكم مكة ناقلًا لثبوت القتل المضمون من القاتل للمقتول، ويختص حاكم الشام بالحكم فيحكم بوجوب الدية على العاقلة، ويحكم بفضها عليهم بحسب أحوالهم، ويحكم باستيفائها منهم عند حلولها عليهم.
والثانية: أن يكتب حاكم مكة بثبوت قتل الخطأ ويحكم بالدية فيه على عاقلة القاتل