الأول الثاني وجذب الثاني الثالث فإذا ماتوا جميعًا كان موت الأول والثاني بفعل قد اشتركا فيه، وموت الثالث بفعل لم يشاركهما فيه، لأن موت الأول كان بجذبه للثاني وبجذب الثاني للثالث وموت الثاني بجذب الأول وبجذب الثاني للثالث فصار الأول والثاني مشتركين في قتل أنفسهما يجب عليهما حكم المصطدمين، وكان النصف من دية كل واحد منهما هدرًا؛ لأنه في مقابلة فعله والنصف الآخر على عاقلة صاحبه، فيكون على عاقلة الأول نصف دية الثاني وباقيها هدر، وعلى الثاني نصف دية الأول وباقيها هدر، فأما الثالث فهو مجذوب وليس بجاذب فتكون جميع ديته مضمونة؛ لأنه مجذوب ولا يضمن دية غيره، لأنه ليس بجاذب وفيمن يضمن ديته وجهان:
أحدهما: يضمنها الثاني دون الأول، لأن الثاتي هو امباشر بجذبه.
والثاني: يضمنها الثاني والأول بينهما بالسواء، لأن الأول لما جذب الثاني وجذب الثاني للثالث صارا مشتركين في جذب الثالث فلذلك اشتركا في ضمان ديته، وعلى هذا لو جذب الأول ثانيًا وجذب الثاني ثالثًا وجذب الثالث رابعًا وماتوا فيسقط الثلث من دية الأول هدرًا، ويجب ثلثاها على الثاني والثالث؛ لأنه مات بجذبه للثاني وبجذب الثاني للثالث وبجذب الثالث للرابع، فكان موته بفعل وفعل الثاني وفعل الثالث وليس الرابع فعل؛ لأنه مجذوب وليس بجاذب فكان ثلث ديته هدرًا؛ لأنه في مقابلة فعله وثلثها على عاقلة الثاني وثلثها على عاقلة الثالث، وهكذا الحكم في الثاني يكون ثلث ديته هدرًا، وثلثاها على عاقلة الأول وثلثها على عاقلة الثالث لأنه مات بجذب الأول له وبجذبه للثالث ويجذب الثالث الرابع فصار الأول والثاني والثالث مشتركين في قتل الثالث، فسقط ثلث الدية، لأنها في مقابلة فعله ووجب ثلثاها على الأول والثالث، وأما دية الثالث ففي قدر ما يهدر منها ويضمن وجهان:
أحدهما: يهدر نصف ديته ويجب نصفها على الثاني؛ لأنه مات بجذب الثاني وبجذبه للرابع فصار مشاركًا للثاني في قتل نفسه فسقطت نصف ديته، لأنه في مقابلة قتله، ووجب نصفها على الثاني وخرج منها الأول، لأنه باشر جذبه.
والثاني: أنه ينهدر من ديته ثلثها ويجب ثلثاها على الأول والثاني، لأن الأول لما جذب الثاني صار مشاركًا له في جذب الثالث، ولما جذب الثالث الرابع صار مشاركًا للأول والثاني في قتل نفسه وهم ثلاثة، فسقط من ديته ثلثها، ولأنه في مقابلة فعله، ووجب ثلثاها على الأول والثاني، وأما دية الرابع فجميعها واجبة لا ينهدر منها شيء؛ لأنه مجذوب وليس بجاذب ومقتول وليس بقاتل، وفيمن تجب عليه ديته وجهان:
أحدهما: تجب على الثالث وحده، لأنه باشر جذبه.
والثاني: أنها تجب على الأول والثاني والثالث أثلاثًا، لأن كل واحد منهما جاذب لمن بعده فصاروا مشتركين في جذب الرابع فاشتركوا في تحمل ديته والله أعلم.