كالمنكرات، أو يكون غير مستحق فلا يثبت حكمه بوجوده كالمباحات، فلم يبق للإنكار تأثير في إباحه محظور ولا في حظر مباح، وبه يقع الانفصال عما احتج به من تعديه بعد الإنكار وعدمه قبله، واحتجاجه بالوديعة لا يصح، لأن المودع نائب عن غيره فجاز أن يتعلق ضمانها بطلبه، وليس صاحب الحائط المائل نائبًا فيه عن غيره فلم يتعلق ضمانه بإنكاره وطلبه.
فصل:
فإذا ثبت أن الاعتبار بالإنكار والإشهاد في وجوب الضمان لا في سقوطه فلا فرق في تلف من علم بميله أو لم يعلم، قدر على الاحتراز منه أو لم يقدر، في أن سقوط الضمان على الوجه الأول في الأحوال كلها وإن وجب الضمان على الوجه الثاني ففي الأحوال كلها يختلف بها حكم ما سقط من آلته في الطريق إذا عثر بها مار فتلف، فإن قيل إن سقوطه غير موجب للضمان على الوجه الأول لم يلزمه ضمان من عثر بآلته إذا كان عثاره قبل القدرة على نقلها، ويضمنه إن كان بعد القدرة عليه، وإن قيل إن سقوطه موجب للضمان ضمن من عثر بآلته، سواء كان عثاره قبل القدرة على النقل أو بعده، لأن سقوطه غير منسوبي إلى التعدي على الوجه الأول ومنسوب إليه على الوجه الثاني.
فصل:
وإذا كان حائط بين دارين مشترك بين جارين فخيف سقوطه فطالب أحدهما صاحبه بهدمه، فهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون قائمًا على انتصابه، فليس لواحد منهما مطالبة الآخر بهدمه ويكون مقرًا على استدامه وإن خافاه حتى يتفقا على هدمه، فإن أراد أحدهما أن ينفرد بهدمه والتزام مؤنته نظر فيه، فإن كانت قيمته قائمًا مستهدمًا أكثر من قيمته نقصًا مهدومًا لم يكن له التفرد بهدمه، وإن كانت قيمة نقضه وآلته مثل قيمته قائمًا أو أكثر سئل عنه أهل المصر من يعرف الأبنية فإن قالوا: إن سقوطه يتعجل ولا يثبت على انتصابه كان له أن ينفرد بهدمه لحسم ضرره، وإن قالوا: إنه قد يلبث على انتصابه ولا يتعجل سقوطه لم يكن له أن ينفرد بهدمه.
والثاني: أن يميل إلى أحد الدارين فللذي مال إلى داره أن يأخذ شريكه بهدمه، وله إن امتنع أن ينفرد بهدمه لحصوله فيما قد اختص بملكه من هواء داره، وليس للذي لم يمل إليه أن يأخذ شريكه بهدمه، ولا له أيضًا أن ينفرد بهدمه والتزم مؤنته، لأنه قد أمن ميلة إلى غير ملكه أن يسقط إلى داره.
فصل:
وإذا أشرع من داره جناحًا على طريق نافذة جاز إذا لم يضر بمار ولا مجتاز، وكذلك إذا أراد إخراج سياطًا يمده على عرض الطريق مكن إن لم يضر ومنع إن أضر، فاختلف