وغرة في جنينها، سواء ألقته قبل موتها أو بعده.
وقال مالك وأبو حنيفة: تجب فيه الغرة إن ألقته قبل موتها ولا يجب فيه شيء إن ألقته بعد موتها، إلا أن تلقيه حيًا فيموت فتجب فيه ديته احتجاجًا بأمرين:
أحدهما: أن انفصاله ميت بعد موتها موجب لسقوط غرمه كما لو ديس بطنها بعد الموت فألقت جنينًا ميتًا لم يضمن إجماعًا وهو بدياسها بعد الموت مخصوص بالجناية وقتله غير مخصوص بها فكان بسقوط الغرم أحق.
والثاني: أن الجنين بمنزلة أعضائها لأمرين:
أحدهما: اتباعه لها في العتق والبيع كالأعضاء.
والثاني: أنه لا يفرد بغسل ولا صلاة كما لا ينفرد به الأعضاء، فلما كانت أروش أعضائها داخلة في ديتها وجب أن تكون غرة جنينها داخلة في ديتها.
ودليلنا حديث أبي هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فأصابت بطنها فقتلتها فأسقطت جنينًا، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقلها على عاقلة القاتلة، وفي جنينها غرة عبد أو أمة.
والظاهر من هذا النقل أن إلقاء الجنين كان بعد موت، ولو احتمل الأمرين كان في إمساك النبي صلى الله عليه وسلم عن السؤال عنه دليل على استواء الحكم في الحالين، ولو سأل لنقل.
ومن القياس: أن كل جناية ضمن بها الجنين إذا سقط في الحياة وجب أن يضمن بها الجنين إذا سقط بعد الوفاة كالذي سقط حيًا ثم مات؛ ولأن الجنين ضمان النفوس دون الأعضاء لأمرين:
أحدهما: أنه لا يمتنع أن يجب فيه الغرة، لأن الأصل فيه بقاء الحياة إلى أن يتحقق الموت فيسقط به الإجماع.
والثاني: وإن سقطت فيه الغرة فلأن الظاهر من موته بموت أمه والمديسة غير مضمونة فلم يضمن جنينها والمضروبة مضمونة فضمن جنينها.
وأما الجواب عن احتجاجهم بأنه كأعضائها فقد منعنا منه بما قدمناه.
فأما أتباعه لها في العتق والمبيع فلا يمتنع أن يتميز عنها، وإن تبعها كما يتبعها في الإسلام بعد الولادة ولا يتبعها في الردة بعد الولادة.
وأما الغسل والصلاة فهو يغسل وليس في إسقاط الصلاة ما يمنع من انفراده بنفسه كما لا يغسل الشهيد والذمي.