فأنت قد سويت بينهما من أجل أني زعمت أن أصل حكمهما حكم غيرهما لا حكم أنفسهما كما سويت بين الذكر والأنثى من جنين الحرة فكان مخرج قولي معتدلًا فكيف يكون الحكم لمن يخرج حيًا".
قال في الحاوي: في جنين الأمة إذا كان مملوكًا عشر قيمة أمه ذكرًا كان أو أنثى ويكون معتبرًا بأمه لا بنفسه.
وقال أبو حنيفة: جنين الأمة معتبر بنفسه يفرق بين الذكر والأنثى، فإن كان ذكرًا وجب فيه نصف عشر قيمته، وإن كان أنثى وجب فيها عشر قيمتها. واستدل على اعتباره بنفسه أمرين:
أحدهما: أنه لما وقع الفرق في جنين الأمة بين أن يكون مملوكًا أو حرًا وفي جنين الكافرة أن يكون مسلمًا أو كافرًا دل على اعتباره بنفسه لا بغيره.
والثاني: أنه من أبويه فلما لم يعتبر بأبيه لم يعتبر بأمه، وإذا سقط اعتباره بهما وجب اعتباره بنفسه.
واستدل على الفرق بين الذكر والأنثى بأمرين:
أحدهما: أنه لما وقع الفرق في إلقائه حيًا بين الذكر والأنثى وجب أن يقع الفرق بينهما في إلقائه ميتًا.
والثاني: أنه موروث واستحقاق التوارث يوجب الفرق بين الذكر والأنثى كالوارث.
والدليل على اعتباره بغيره شيئان:
أحدهما: أنه لما اعتبرت قيمة القيمة وليس له قيمة؛ لأنه إن قوم ميتًا لم تكن الميت قيمة، وإن قوم حيًا لم تكن له حياة فوجب أن يعدل عن تقويمه عند استحالتها إلى تقويم أصله كما يجعل العبد أصلًا للحر في الحكومات، ويجعل الحر أصلًا للعبد في المقدرات.
والثاني: أنه لو قوم بنفسه لوجب استيفاء قيمته كسائر المتلفات، ولما لم يستوفِ قيمته لاعتباره بغيره كان أصل التقويم أولى أن يكون معتبرًا بغيره.
والدليل على التسوية بين الذكر والأنثى شيئان:
أحدهما: أن حرمته حرًا أغلظ من جرمته مملوكًا، فلما استوي الذكر والأنثى في أغلظ حاليه حرًا كان أولى أن يستوي في أخف حاليه مملوكًا.