والثاني: أن الفرق بين الذكر والأنثى يوجب تفضيل الذكر على الأنثى كالديات والمواريث وهم لا يفضلونه، وتفضيل الأنثى على الذكر وإن كان مذهبهم مفضيًا إليه مدفوع بالشرع فوجبت التسوية بينهما لامتناع ما عداه.
فأما الجواب عن استدلالهم بوقوع الفرق بين حريته ورقه وبين إسلامه وكفره فهو الدليل عليهم، لأنه لما اعتبر إسلامه وكفره وحريته ورقه بغيره لا بنفسه جاز مثله في بدل نفسه.
وأما الجواب عن استدلالهم بأنه لما لم يعتبر بأبيه لم يعتبر بأمه فهو أنه لما كان في الملك تابعًا لأمه دون أبيه وجب في التقويم أن يكون تابعًا لها دونه.
وأما الجواب عن افتراق الأنثى والذكر في الحي فهو زوال الاشتباه في الحياة أوقع الفرق بينهما، بوقوع الاشتباه في الموت أوجب التسوية بينهما كالحر، وهو الجواب عن وقوع الفرق بينهما في الوارث دون الموروث.
فصل:
فأما محمد بن الحسن فإنه استدل لنصرة مذهبه وإبطال مذهب مخالفه بأن اعتباره بغيره يفضي إلى تفضيل الميت على الحي، لأنه قد يكون قيمة أمه ألف دينار عشرها مائة دينار، وقيمته في حياته دينار واحد، فيجب فيه ميتًا مائة دينار، ويجب فيه حيًا دينار واحد، وما أفض إلى هذا كان باطلًا؛ لأن الحي مفضل على الميت كالحر فيقال له وقولكم مفضٍ إلى مخالفة الأصول من وجهين:
أحدهما: أنكم فضلتم الأنثى على الذكر لأنكم أوجبتم في الأنثى عُشر قيمتها وفي الذكر نصف عشر قيمته، والأصول توجب تفضيل الذكر على الأنثى.
والثاني: أنكم أوجبتم فيمن كثرت قيمته أقل مما أوجبتموه فيمن قلت قيمته فقلتم في الذكر إذا كان قيمته خمسين دينارًا فيه نصف عشرها ديناران ونصف، وفي الأنثى إذا كانت قيمتها أربعين دينارًا فيها عشر أربعة دنانير، والأصول توجب زيادة الغرم عند زيادة القيمة فلم تنكر على نفسها وعلى أصحابك مخالفة أصول الشرع عن اختلاف الجهات عندنا وعندكم فقلنا وقلتم مع اتفاقنا وإياكم على تفضيل الحر على العبد: إن الغاصب لو مات في يد العبد المغصوب وجبت فيه قيمته وإن زاد على دية الحر وإن كان أنقص حالًا من الحر، ثم قلتم وحكم القتل أغلظ أنه لو قتله نقص من قيمته عن دية الحر فأوجبتم فيه غير مقتول أكثر مما أوجبتم فيه مقتولًا ولم تنكروا مثل هذا عند اختلاف الجهتين كذلك لم يمنع مثله في الجنين عند اختلاف الجهتين.
فصل:
فإذا ثبت أن في جنين الأمة عشر قيمه أمه فمذهب الشافعي أن الاعتبار بقيمتها يوم