للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يكون عقد ذمتهم مطلقًا، لم يشترط ذلك في، ففي انتقاض ذمتهم قولان:

أحدهما: قد انتقضت بالقتال ذمتهم كما انتقض به أمان أهل العهد.

فعلى هذا: يجوز قتلهم وقتالهم مقبلين ومديرين كما ذكرنا في أهل العهد.

والثاني: لا تنتقص به ذمتهم وإن انتقص به أمان أهل العهد، لقوة الذمة على العهد من وجهين:

أحدهما: أن الذمة مؤبدة والعهد مقدر بمدة.

والثاني: أن الذمة توجب أن نكف عنهم أنفسنا وغيرنا، والعهد لا يوجب أن تكف عنهم غيرنا، مع ما قدمناه من الفرق بينهما من الوجهين المتقدمين. فعلى هذا: يجب علينا أن نقاتلهم مقبلين ونكف عنهم مدبرين كأهل البغي، ولكن ما أصابوه من دم أو مال يؤخذون بغرمه قولاً واحداً، وإن لم يؤخذ أهل البغي بغرمه في أحد القولين، لأن قتال أهل البغي بتأويل، وقتال أهل الذمة بخير تأويل.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "وأن أتى أحدهم تائباً لم يقص منه لأنه مسلم محرم الدم".

قال في الحاوي: اختلف أصحاب الشافعي في مراده بهذه المسألة على وجهين:

أحدهما: أنه أراد بها من استعان البغاة به من المشركين إذا أتلفوا في حربنا دماء وأموالًا ثم تابوا من الشرك وأسلموا لم يؤخذوا بغرمه إن كانوا من أهل الحرب أو من أهل العهد وكذلك إن كانوا من أهل الذمة.

وجعل القتال نقضًا لذمتهم، فإن لم يجعل نقضًا لم يسقط الغرم، ولا يكون محمولاً على البغاة، لأنه علل في سقوط الغرم يما ليس بعلة في سقوطه عن أهل البغي وهو التوبة، لان علة سقوطه عن أهل البغي هو التأويل.

والثاني: أنه أراد بها أهل البغي، لأن الشافعي قد أفصح بذلك في كتاب الأم، وتكون التوبة محمولة على إظهار الطاعة ووجود القدرة فلا يجيب عليهم غرم ما استهلكوه من دم ومال على أصح القولين، وإن وجب على للقول الآخر.

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه: " وقال لي قائل ما تقول فيمن أراد دم رجل أو ماله أو حريمه؟ قلت يقاتله وإن أتى القتل على نفسه إذ لم يقدر على دفعه إلا بذلك وروى

<<  <  ج: ص:  >  >>