سجود السهو أن يكون تشهد وسلام، فإذا فعله بعد السلام يلزمه وصله به. [١٥٥ أ / ٢]
وروى عمران بن الحصين رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "سجد سجدتين، ثم تشهد بعد ذلك وسلم". وقال أبو إسحق وصاحب "الإفصاح": "يسجد سجدتين ويسلم ولا يتشهد"، وهذا هو المذهب الصحيح، لأن الشافعي قال: "وإن ذكر سجدتي السهو بعد أن سلم قريباً أعادهما، ولم يذكر التشهد، وهذا لأن السجود تركه من الصلاة، فلا يلزمه أن يعيل ما قبله، بل يأتي به فقط كما لو نسي شيئاً من صلب صلاته.
قال هذا القائل، وما قاله المزني تفريع على مذهب الغير، إما أبي حنيفة، وإما مالك أو تفريع على قوله "القديم". ومن أصحابنا من قال: هذا الذي ذكره المزني قول الشافعي، أنه يتخير في سجود السهو بين ما قبل السلام وبعده في الزيادة والنقصان بخلاف قول مالك، حكاه الإمام أبو محمد الجويني رحمه الله.
وقال القفال: هذا مبني على أنه إذا اشتغل بالسجدتين إلى أن سلم مرة أخرى، هل هو عائد إلى حكم الصلاة أم لا؟ فيه وجهان:
أحدهما: يكون سلامه لغواً وهو في الصلاة لا على معنى العود، ولكن جعل سلامه كأن لم يكن حتى لو أحدث بطلت صلاته، فعلى هذا لا يعيد التشهد ولا يكبر. وهذا اختيار الشيخ أبي زيد.
والثاني: لا يلغي اللام، بل هذا منفرد عن صلاته، فلو أحدث بطل حكم السجدتين، ولا تبطل الصلاة، فعلى هذا لا بد من التشهد بعدهما. ولو سلم عامداً. قال بعض أصحابنا: حكمه كما لو سلم ساهياً. وعندي إذا سلم عامداً لا يمكن أن يلفي سلامه، فيكون خارجاً من الصلاة، ثم هل يأتي بسجود السهو على ما ذكرنا فإذا قلنا: يأتي به لا بد من التشهد، ولا يصير عائداً إلى حكم الصلاة حتى يبطل بالحدث، وقيل: فائدة هذا الاختلاف في خمس مسائل:
إحداها: إذا خرج وقت صلاة الجمعة، وهو في سجود السهو بعد السلام، هل يتمها ظهراً أم صحت الجمعة؟.
والثانية: في المسافر إذا نوى الإقامة فيها.
والثالثة: إذا أحدث فيها مع ما ذكرنا
والرابعة: إذا لم يكن سلم المأموم هل على المأموم أن يتابعه.
والخامسة: إذا سلم المأموم مع الإمام ثم عاد الإمام هل على المأموم أن يعود حتى إذا لم يعد تبطل صلاته.
فرع:
إذا قلنا يسجد من الزيادة بعد السلام فسهى سهوين زيادة ونقصاناً سجد قبل السلام، لأنه يجوز بالاتفاق، فإنه من قال يسجد بعد السلام، قال: لو سجد قبله يحتسب به وبعد السلام مختلف فيه.