وهذا كما قال. إذا سها المأموم وحده تحمله عنه الإمام، وكان وجود سهوه وعدمه سواء، وصور الشافعي السهو خلف الإمام في مسألة حسنة ذكرها في "البويطي"، وهي أن الرجل إذا أدرك الإمام في الركعة الثانية من الصبح فصلاها معه وقعد معه التشهد فسمع صوتا ظنه تسليم الإمام فقام لقضاء ما عليهء فصلاها وقعد للتشهد فإذا الإمام الآن يسلم من صلاته فإنه يقوم ويصلي تلك الركعة مرة أخرى، وليس عليه بهذا السجود سجود؛ لأنه سها خلف إمامه. وقال مكحول: لا يتحمل عن المأموم السهو. وحكي عنه أنه قام في قعود الإمام فسجد سجدتي السهو، وهذا غلط لما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على من خلف الإمام سهو، الإمام عافيه، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه، ومن سها خلف الإمام فلا سهو عليه". وكذا روى عن عمر- رضي الله عنه - ولأنه كما يتحمل عن المأموم بعض مسنونات الصلاة من التشهد الأول وقراءة السورة ونحو ذلك كذلك سجود السهو: لأن في خبر معاوية بن الحكم: سها خلف إمامه ولم يأمره بسجود السهو، وإن سها الإمام يلزمه سهو إمامه؛ لأن على المأموم متابعة إمامه فيما يلزمه من مسنونات الصلاة، كما قلنا أنه يتابع إمامه في التشهد وان لم يكن موضع تشهده، وهذا لأن نقصان صلاة الإمام نقصان صلاته في الحقيقة، وإن سهوا معا فهو كما لو أنفرد الإمام.
مسألة: قال: "فإن لم يسجد إماماً سجد من خلفه".
وهذا كما قال: إذا جاء وقت سجود الإمام بعد التشهد وقبل السلام لم يخل من أحد الأمرين، إما أن يسجد للسهو أو لا يجد، فإن سجد تبعه المأموم، وإن ترك السجود عامداً أو ساهياً فالمذهب المنصوص أن المأموم يسجد ولا يتركه. وبه قال مالك، والأوزاعي، والليث وأحمد في رواية. وقال أبو حنيفة:"لا يسجد" وبه قال النخعي، وحماد، والمزني، وابن الوكيل، واحتجوا بأنها سنة فتسقط عنه إذا تركها الإمام كالتشهد الأول؛ لأن المأموم ما سها وإنما سهى الإمام ويسجد هو للمتابعة، فإذا لم يسجد هو فلا متابعة. وهذا غلط؛ لأن صلاة المأموم تنتقص بنقصان صلاة الإمام، كما تكمل بكمالها، فإذا لم يجبوها الإمام جبرها المأموم. وأما ما ذكره لا يصح؛ لأن هناك يفارق إمامه فلا يأتي به لأنه يؤدي إلى ترك متابعته في حال إمامته وههنا فارق إمامه حين سلم فلهذا يسجد لنفسه.
مسألة: قال: "وإن كان قد سبقه إمامه ببعض صلاته سجدهما بعد القضاء".