فأما الجاحد لوجوبها: فهو مرد تجري عليه أحكام الردة, وهو إجماع.
وأما المعترف بوجوبها التارك لفعلها: قد اختلف الفقهاء في حكمه على ثلاثة مذاهب:
أحدها: وهو مذهب أحمد بن حنبل-أنه يكفر بتركها كما يكفر بجحودها. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: بين الكفر والإيمان ترك الصلاة, فمن تركها فقد كفر.
والثاني: وهو مذهب أبي حنيفة ومالك أنه لا يكفر بتركها ولا يقتل, ويجبس حتى يصلي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلا إلا الله, فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها".
والثالث: وهو مذهب الشافعي أنه يقتل بتركها لا بكفره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إني نهيت عن قتل المصلين". فدل على أن غير المصلي مباح للدم. وقد مضى من الدلائل والمعاني ما أقنع.
فصل:
وإذا كان قتله بتركها واجبًا, فليجوز قتله حتى يسأل عن تركها, واختلف أصحابنا في وقت سؤاله على وجهين:
أحدهما: يسأل عن تركها في آخر وقتها إذا لم يبق منه إلا قدر فعلها.
والثاني: لا يسأل عنها إلا بعد خروج وقتها, فإذا سئل عنها وأجاب بأنه نسي، قيل له: صل فقد ذكرت. فإن قال: أنا مريض قيل: صل كيف أضفت. وإن قال: لست أصلي كسلًا واستثقالًا.
قيل له: تب وصل, فإنه لا يصليها غيرك. فإن تاب وصلى عاد إلي حاله, وإن لم يتب ولم يصل فهو الذي اختلف الفقهاء في حكمه على ما بيناه.
ومذهبنا فيه: وجوب قتله حدًا مع بقائه على إسلامه, ويكون ماله لورثته المسلمين, ويصلى عليه, ويدفن في مقابر المسلمين.
واختلف أصحابنا في صفة قتله على وجهين:
أحدهما: وهو الظاهر من مذهب الشافعي أنه يقتل ضربًا بالسيف.
والثاني: وهو قول أبي العباس بن سريج. وطائفة-أنه يضرب بما لا يوجى من الخشب, ويستدام ضربه حتى يموت.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ومن قتل مرتدًا قبل أن يستتاب أو جرحه فأسلم ثم