وعلى هذا: لو أظهرها ومات فادعى ورثته أنه كان مكرهًا عليها فلهم ميراثه.
فإن كان في دار الحرب القول قولهم مع إيمانهم, أنه كان مكرهًا عليها لأنه الظاهر من حاله ولهم ميراثه. وإن كان في دار الإسلام لم تقبل دعواهم وحكم وكان ماله فيئًا, لأنه الظاهر من حاله.
فصل:
وإذا شرب الخمر وأكل الخنزير لم يصر بذلك مرتدًا, سواء كان ذلك منه في دار الإسلام أو في دار الحرب.
لأنه لا يصير مرتدًا إلا باستحلاله دون أكله, فيسأل عنه إذا أكله في دار الحرب, ولا يسأل عنه إذا أكله في دار الإسلام لنه أكله في دار الحرب أقرب إلي استحلاله من أكله في دار الإسلام.
فلو مات قبل سؤاله, فقال بعض ورثته: أكله مستحلًا, فهو كافر. وقال بعضهم: أكله غير مستحل, فهو مسلم, فلمن أقر بأنه أكله غير مستحل ميراثه من استصحابًا لإسلامه فأما ميراث من أقر بأنه أكل مستحلًا ففيه قولان:
أحدهما: نص عليه في كتاب الأم, أنه يكون موقوفًا حتى يكشف عن حاله, لا يقط ميراثه منه, لأنه مقر على غيره.
والثاني: حكاه الربيع وختاره المزني أنه يسقط ميراثه منه, ولو يوقف على الكشف, لأنه مقر على غيره بالكفر, وعلى نفسه بسقوط الإرث, فنفذ إقراره على نفسه وإن لم ينفذ على غيره.
فصل:
فإذا صلى المرتد قبل ظهور توبته: قال الشافعي في كتاب الأم: إن صلى في دار الإسلام لم يحكم بإسلامه, وإن صار في دار الحرب حكم بإسلامه وفرق أصحابنا بينهم من وجهين:
أحدهما: إن الظاهر من فعلها في دار الإسلام التقية, وفي دار الحرب الاعتقاد.
والثاني: أنه يقدر في دار الإسلام على الشهادتين, فلم يصر ملسمًا بالصلاة, ولا يقدر في دار الحرب على الشهادتين فصار مسلمًا بالصلاة وفي هذا نظر لأنه لو صارت الصلاة إسلامًا للمرتد, لصارت إسلامًا للحربي.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وما جرح أو أفسد في ردته أخذ به".