للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في الحاوي: لا يخلو ما أتلفه المرتد على المسلمين في حال ردته من أن يكون منفردًا أو في جماعة.

فإن كان مفردًا أو في جماعة لا يمتنع بهم فحكمه حكم المنفرد, عليه أحكامه وضمان ما أتلفه عليهم من نفس ومال لأن إسلامه قد أوجب عليه التزام أحكامه, وهو يضمنها قبل الردة, فلم يسقط عنه ضمانها بالردة, لأنها زادته تغليظًا لا تخفيفًا.

وإن كان في جماعة ممتنعة عن الإمام ولم يصل إليهم إلا بالقتال, فما أتلفوه في غير القتال ضمنوه, وما أتلفوه في القتل ففي ضمان أهلي البغي قولان:

فأما أهل الردة فقد اختلف أصحابنا فيهم:

فذهب أبو حامد الإسفراييني وأكثر البغداديين إلي أن في وجوب ضمانهم قولان كأهل البغي:

أحدهما: يضمنون كما يضمن المحاربون في قطع الطريق.

والثاني: لا يضمنون كما لا يضمن المشركون.

وذهب أبو حامد المروزي وأكثر البصريين إلي أنهم يضمنون قولًا واحدًا, وإن كان في ضمان أهلى البغي قولان, للفرق بينهما: بأن لأهل البغي إمامًا تنفذ أحكامه, وليس لأهل الردة إمام ينفذ له حكم.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "وإن جرح مرتدًا ثم جرح مسلمًا فمات فعلى من جرحه مسلمًا نصف الدية".

قال في الحاوي: وهذه مسألة مضت في كتاب الجنايات.

وذكرنا أنه إذا جرحه مسلم في حال ردته ثم أسلم فجرحه آخر بعد إسلامه ومات فجرحه في الردة هدر لا يضمنه الجارح بقود ولا دية.

وجرحه في حال إسلامه مضمون بالدية دون القود, فيجب على الجارح نصف الدية, لأنه قد صار أحد القاتلين.

فلو عاد الأول فجرحه مع الثاني جرحًا ثانيًا, وجب على الثاني نصف الدية, وعلى الأول ربعها, لأن نصف فعله هدر والله أعلم.

تم الجزء الثاني عشر

ويليه إن شاء الله الجزء الثالث عشر

وأوله: كتاب الحدود

<<  <  ج: ص:  >  >>