للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فشرع له بوظيف بعير فرماه فقتله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: "هلا تركتموه" وروى سليمان بن بريدة عن أبيه أن ماعزًا جاء فقال: يا رسول الله طهرني فقال: "ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه" فرجع غير بعيد ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني فقال مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة قال: مم أطهرك فقال: من الزنا فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس به جنون [١٤/أ] فقال: أشربت خمرًا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أثيبٌ أنت قال: نعم فأمر به فرجم وكان الناس فيه فريقين تقول فرقة: هلك ماعز على أسوأ عمله لقد أحاطت به خطيئته وقائل يقول: أتوبةٌ أفضل من توبة ماعز إن جاء إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده على يده فقال: اقتلني بالحجارة فلبثوا في ذلك يومين أو ثلاثة ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس ثم قال: "استغفروا لماعز بن مالك" فقالوا: لماعز بن مالك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد تاب توبة لو قسمت على أمةٍ لوسعتها"

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال له في الخامسة: أنكتها؟ قال: نعم قال: حين غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البئر؟ قال: نعم قال: هل تدري ما الزنا؟ قال: أتيت منها حرامًا ما يأتي الرجل من امرأته حلالًا قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني فأمر به فرجم وروي أنه قال: "والذي نفسي بيده: إنه الآن لفي أنهار الجنة ينقمس فيها" معناه ينغمس والقاموس: معظم الماء ومنه قاموس البحر وروي فرميناه بجلاميد الصخر حتى سكت يعني مات. وروي أنه قال لهزالٍ: "يا هزال لو كنت سترت عليه بثوبك لكان خيرًا لك مما صنعت" وروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في هذا الخبر أتينا به مكانًا قليل الحجارة [١٤/ ب] فلما رميناه اشتد من بين أيدينا فسعى فتبعاه فأتى ناحيةً كثيرة الحجارة فقام ونصب نفسه فرميناه حتى قتلناه ثم اجتمعنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه فقال: "سبحان الله فهلا خليتم عنه حتى يسعى من بين أيديكم" هذا كله يدل على أن الإقرار الأول لم يكن تامًا والبيان كان بعد التكرار وارتفعت الشبهة عن فعاله وحاله بعد الإقرار أربع مرات، ولا يدل ذلك على أن التكرار الأربع فيه شرطٌ وأيضًا فهذا حق يبعث الاعتراف فلا يشترط فيه التكرار كسائر الحدود والحقوق، وقال أبو يوسف وزفر: لا بد من إقرارين في سائر الحدود إلا في حد القذف فإنه يكفي الإقرار به مرة.

مسألة: قال: ومتى رجع ترك وقع به بعض الحد أو لم يقع.

إذا اعترف الرجل بالزنا فلزمه الحد ثم رجع، وقال: ما كنت زنيت سقط عنه الحد، وكذلك كل حد لله تعالى خالص إذا أقر به ثم رجع كحد الخمر والقتل بالردة، والقطع بالسرقة وبه قال أبو حنيفة والثوري وأحمد وإسحاق، وقال سعيد بن جبير والحسن وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>