أنه حق ثبت بشهادة الشهود فلا يصير فيه الاجتماع في مجلس واحد كسائر الحقوق.
فرع
إذا شهدوا بالزنا بعد تقادم العهد تقبل شهادتهم، وقال أبو حنيفة: لا تقبل، وقال أبو يوسف: جهدت بأبي حنيفة أن يؤقت لتقادم العهد في شهادة الزنا وقتًا فأبي، وقال الحسن بن زياد: ووقته أبو حنيفة بسنة وروي عن أبي يوسف أنه قال: [٢٨/ب] حده شهر. واحتجوا بما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: أيما شهود شهدوا بحد لم يشهدوا بحضرته فإنما هم شهود ضغنٍ ودليلنا أنه حق ثبت بالشهادة علي الفور فوجب أن يثبت بها بعد تطاول الزمان كسائر الحقوق، وأما الأثر رواه الحسن وهو مرسل ولأن عندهم الضغن لا يمنع الشهادة ويحتمل أنه أراد إذا لم يشاهدوه.
فرع آخر
إذا شهد عليه بالزنا أربعة شهود فشهد أحدهم أنه زنا بها في زاوية البيت اليسرى، وشهد الآخر أنه زنا بها في اليمنى لم يجب الحد علي المشهود عليه، وهل يحد الشهود؟ قولان، وقال أبو حنيفة: القياس هذا ولكن رجم المشهود عليه استحسانًا قال الشافعي رضي الله عنه: أي استحسان في سفك دم المسلم؟ واحتجوا بأنهم اتفقوا علي الزنا ويحتمل أنه رآه أحدهم في زاوية ثم زحف في حال الفعل إلي زاوية أخري فرآه الآخر واعتقد أحدهما أنه قريب إلي زاوية والآخر أنه مائل إلي زاوية أخري وهذا خطأ لأنه لم تتم الشهادة علي فعل واحد كما لو شهد أحدهم أنه زنا بالغداة والآخر بالعشي. [٢٨/ب]
مسألة: قال: وَمَتى رَجَعَ بَعْدَ تَمَامِ الشَّهَادَةِ لَمْ يُحَدَّ غَيْرُهُ.
في هذا الفصل مسألتان: إحداهما: إذا شهد الشهود علي الزنا ثم رجع أحدهم. والثانية: إذا لم يكمل العدد في الأصل وذكرها المزني بعد هذه المسألة وهذه الثانية مقدمة علي الأولي فنبدأ بها، فإذا شهد شاهد أو اثنان أو ثلاثة علي رجل بالزنا ولم تتم الشهادة أربعة لا خلاف أنه لا يجب الحد علي المشهود عليه لأنه لم تكمل البينة، وهل يجب الحد من الشهود؟ قولان أحدهما: يجب نص عليه في القديم والجديد أيضًا وتكلم عليه، وقال: لا أعلم فيه خلافًا وهو الأصح وبه قال أبو حنيفة ومالك لما ذكرنا من خبر عمر رضي الله عنه أنه حد الثلاثة الذين شهدوا علي المغيرة بالزنا وهم أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد. وروى أن أبا بكرة قال بعد أن حده عمر: والله إن المغيرة زنا فهم عمر بجلده فقال له عليّ: إن حددته فارجم صاحبك يعني المغيرة، وأراد أن هذا القول إن كان شهادة أخري فقد تم العدد، وإن كان هو الأول فقد جلدته عليه ومثل هذه القصة تنتشر لأن المغيرة والشهود كانوا بالبصرة واستدعاهم عمر (إلى) المدينة،