لا ضمان وبه قال عامة أصحابنا وهو قول أبي حنيفة قد بقي بعد رجوعهم من يستوفي الحد بشهادتهم فلا ضمان علي من رجع كما لو شهد أربعة ثم رجعوا أو قالوا: أخطأنا [٣١/أ] وهناك أربعة يشهدون عليه بالزنا وشهدوا لا يجب علي الراجعين شيء، كذلك هنا فعلى هذا إن رجع الخامس انحل من الوثيقة الربع فيجب ربع الدية ويكون الربع علي الخمسة بالسوية، وإن رجع ستة وجب نصف الدية عليهم، وإن رجع سبعة وجب ثلاثة أرباع الدية عليهم، وإن رجع الكل فقد ذكرنا الحكم. وقال أبو إسحاق: إذا رجع واحدٌ منهم يلزمه ثُمن الدية لأن الحكم بالرجم ثبت بشهادة الكل فمن رجع منهم فقد أقر بأنه أتلف ثمن نفسه بغير حق فلزمه ضمانه وبه قال المزني، وقال القفال: هذا القول الثاني. رواه البويطي ففي المسألة قولان والمذهب الأول، وعلي القول الثاني إن رجع اثنان يلزم الربع عليهما، وإن رجع ثلاثة يلزمهم ثلاثة أثمان الدية.
فرع
لا يثبت الإحصان إلا بشاهدين ذكرين، وقال أبو حنيفة: يثبت بشاهد وامرأتين، دليلنا أنه لا يقصد منه المال ولا تقبل فيه شهادة النساء علي الانفراد فلا مدخل للنساء فيه أصلًا.
فرع آخر
لو شهد أربعة علي رجلٍ بالزنا وهو منكر الإحصان فشهد عليه رجلان بالإحصان رجم فإن رجع شهود الإحصان عن الشهادة روى المزني عن الشافعي في أربعة شهود شهدوا علي رجلٍ بالزنا وشهد آخران بالإحصان ثم رجعوا أن الدية تجب عليهم علي شهود الزنا ثلثا الدية، وعلي شهود الإحصان ثلثها وهذا [٣١/ب] لأن الرجم لم يستوف إلا بقولهم فيجب الضمان عليهم عند الرجوع وعلي هذا يلزمهم القود إن تعمدوا.
وقال القاضي أبو حامد: وقيل: فيه قول آخر يجب الغرم علي شهود الزنا دون شهود الإحصان. وبه قال أبو حنيفة لأن شهود الإحصان لم يثبتوا الجناية وإنما أثبتوا صفة الكمال ومدحوا المشهود عليه فهو كما لو شهد أربعة بالزنا، وآخران أنه كان عاقلًا ثم رجعوا لا غرامة علي شاهدي العقل، وبه قال صاحب "الإفصاح". قال بعض أصحابنا: يُنظر فإن كان شهود الإحصان شهدوا قبل الزنا من أجل حكم الزنا فرجعوا لم يكن عليهم شيء، وإن كانت شهادتهم بالإحصان من أجل الزنا فرجعوا ففيه وجهان: أحدهما: لا شيء عليهم، والثاني: الغرامة. ثم في الغرامة وجهان: أحدهما: يقسم علي عدد الرؤوس. والثاني: نصفها علي شهود الإحصان ونصفها علي شهود الزنا لأنه قد ثبت بهم نصف الشرط فكان عليهم نصف الدية وهكذا ذكره ابن أبي