وقيل:[٣٠/أ] إن المغيرة في قصة عمر رضي الله عنه علي ما ذكرنا كان نكحها سرًا فلم يذكره لعمر لأنه كان لا يري نكاح السر ويحد فيه وكان يتبسم عن الشهادة عليه فقيل له في ذلك فقال: لأني أعجب كما أريد أن أفعله بعد كمال شهادتهم فقيل له: وما تفعل؟ قال: أقيم البينة أنها زوجتي. ولو رجع واحد بعد الحكم بشهادتهم فالحكم عندنا كما لو رجع قبل الحكم، وحكي عن أبي حنيفة أنه قال هنا: لا يحد الحد علي غيره.
مسألة: قال: فَإِنْ رُجِمَ بِشَهَادَةِ أربعةٍ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمْ.
الفصل
إذا شهد أربعة علي رجلٍ بالزنا فرجم ثم قالوا: أخطأنا في الشهادة عليه ولم يكن زنا يجب عليهم حد القذف لأنهم اعترفوا بالقذف ويلزمهم الدية للمقتول أرباعًا لأنهم سبب قتله إلا أنهم أخطؤوا فتجب دية مخففة، وإن قالوا: لم نعلم أنه يقتل بشهادتنا أو ظننا أنه بكر وكانوا ممن يجوز أن يخفى عليهم هذا لقرب عهدهم بالإسلام فالقول قولهم ويجب الحد عليهم وتجب دية مغلظة لأن هذا عمد خطأ، وإن لم يصدقهم الولي علي ذلك يلزمهم اليمين، وإن قالوا: تعمدنا وقصدنا قتله يلزمهم الحد والقصاص وعند أبي حنيفة لا حد ولا قود لأن حد القذف عنده لا يورث، وحكي عن القاضي أبي الطيب أنه قال: الحد علي القولين في هذه المسألة أيضًا من أجل [٣٠/ب] لفظ الشهادة وقد بينا هذه المسألة قبلها. وإن رجع أحدهم فإن قال: عمدت وقصدت ليقتل وكذلك أصحابي يلزمه الحد والقصاص لأنه عامد شارك العامدين، وإن قال: عمدت وأخطأ أصحابي، أو قال أخطأت وعمد أصحابي أو أخطأنا كلنا أو لم أعلم حالهم فلا قود وعليه الحد وربع الدية مخففًا في الخطأ، ومغلظًا في العمد لأنه إما أن يكون مخطئًا، أو مشاركًا للخاطئ وكلاهما يسقط القصاص.
فرع
قال أصحابنا بخراسان: لو قال كل واحدٍ منهم عمدت وأخطأ أصحابي فيه وجهان أحدهما: العمد حصل من جميعهم فمقتولون. والثاني لا قصاص عليهم لأن موجب إقرار كل واحدٍ منهم أن لا قود عليه يجعل أصحابه مخطئين وهذا ظاهر المذهب ولا معني للوجه الأول عندي.
فرع آخر
قال ابن سريج: إذا شهد ثمانية علي رجلٍ بالزنا فرجم بشهادتهم ثم رجعوا كلهم وقالوا: أخطأنا تلزمهم الدية أثمانًا علي كل واحدٍ منهم الثمن، ولو رجع واحدٌ من الثمانية أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة فهل يجب علي الراجعين الضمان؟ قال ابن سريج: