قال: المستحب للإمام أن يعرض له بالإنكار إذا رأى منه آثار الندم الذي ذكرناه. وأتي عمر رضي الله عنه برجل فسأله: أسرقت؟ قل: لا، فقال: لا، فتركه ولم يقطعه وبه قال أبو الدرداء وأبو هريرة رضي الله عنهما، وروي أنه أتي أبو هريرة بسارقٍ وهو أمير على المدينة فقال: أسرقت قل: لا وقال أحمد وإسحاق: لا بأس [٨٠/ب] أن يلقن السارق، وقال أبو ثورٍ مثله إذا كان السارق مضعوفًا أو امرأة.
فرع آخر
قال في "الحاوي": يصح العفو عن القطع قبل علم الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم في خبر صفوان: "هل قبل أن تأتيني به" وروي أن الزبير رضي الله عنه شفع في سارقٍ فقيل له: حتى يبلغه الإمام فقال: إذا بلغ الإمام يلعن الله الشافع والمشفوع كما قال صلى الله عليه وسلم وروي أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أتي بلصوصٍ فقطعهم حتى بقي واحدٌ منهم فقدم ليقطع فقال:
يمين أمير المؤمنين أعيذها بعفوك أن تلقى نكالًا يشينها
يدي كانت الحسناء لو تم سترها ولا تعدم الحسناء عيبًا يشيبها
فلا خير في الدنيا وكانت حبيبةٌ إذا ما شمالي فارقت يمينها
فقال معاوية: كيف أصنع بك وقد قطعت أصحابك؟ فقالت أم السارق: يا أمير المؤمنين: اجعلها من ذنوبك التي تتوب منها فخلى سبيله فكان أول حدٍّ ترك في الإسلام. فإن قيل: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:" أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود" قلنا: قال الشافعي رضي الله عنه: أراد بذوي الهيئة من لم يظهر منه ريبة، وقيل: خاطب الأئمة في التعزير إن شاءوا عزروا، وإن شاؤوا وتركوا به خاصةً في ذوي الهيئة، وأما إذا أنكر السارق فالقول قوله مع يمينه [٨١/أ] فإن كان للمدعي بينةٌ تقبل ولا يقبل إلا شهادة رجلين عدلين.
فرع آخر
إذا شهد رجلان بالسرقة قال الشافعي رضي الله عنه: استثبتت البينة فإن قالا: هذا