للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشاروا (إلى) السارق سرق من هذا، وأشارا إلى المسروق منه ربع دينار أو ما قيمته ربع دينار من حرز مثله وعينا الحرز ووصفاه لأن فيه اختلافًا قطع حينئذ ولا يكفي أن يقولا: سرق نصابًا من حرز لأن قدر النصاب وكيفية الحرز مختلف فيهما. قال القاضي الطبري: ويقولان: لا شبهة له فيه وهذا تأكيد لأن الأصل عدم الشبهة وهكذا إذا لم يحضر المالك وحضر وكيله وأقام البينة يحتاج أن يذكر البينة المشهود له وترفع نسبة إلى حيث يزول الإشكال، فإن كان وكيله ويذكر النصاب والحرز والسارق والمسروق، وأما قول الشافعي: ويدعي شهادتهما معناه يدعي سرقة المال الذي شهدا عليه. فإن قيل: الشافعي لم يذكر إعادة الشهادة بعد حضور المسروق منه ومعلوم أن الدعوى ما لم تسبق لم تسمع الشهادة قلنا: في هذا الكلام تقديم وتأخير، ومراده أن يحضر المسروق منه أولًا ويدعي شهادتهما ثم يشهدان ويحتمل أن يكون معنى قوله: ويدعي شهادتهما فيعدان شهادتهما [٨١/ب] غير أنه لم يذكر الإعادة ويحتمل أن يقال: لما كان حد السرقة حد الله تعالى لا دعوى فيه، ولا تتحقق السرقة إلا بذكر المال المسروق منه والمسروق فإذا سبق الشاهدان حضور المسروق فشهدا ثم حضرا المالك استغني عن إعادة الشهادة وصار حق المال فيه تبعًا لحق الحد في جواز الاقتصار عل الشهادة المسموعة والاستغناء عن الاستعادة والصحيح أنهما شهدا حسبة وقبلناها للقطع ثم حضر المسروق منه وادعى المال أو أمر بشبهةٍ للسارق في ذلك لا يقطع.

فرع آخر

لو أقر ابتداءً من غير دعوى بأن يقول: سرقت مال فلان الغائب قدر النصاب بشرائط القطع أو قال: زنيت بجارية فلانٍ الغائب، قال أبو حامد: هو كما لو شهد به الشهود قال الشافعي: ولو شهدا أن هذا بعينه سرق مالًا مبلغه كذا من حرز وصفاه من فلانٍ ابن فلانٍ الغائب وهما يعرفانه باسمه ونسبه حبس السارق حتى يحضر المسروق منه، فإذا حضر وأكذب الشهود لم يقطع ولم يغرم قال: وإن كان ذلك في الزنا وشهد عليه أربعةٌ بأنه زنا بجارية فلانٍ الغائب وهما يعرفونه بعينه ونسبه أقيم عليه الحد ولم ينتظر حضور المالك، واختلف أصحابنا على ثلاثة طرقٍ فمنهم من قال: في كلتا المسألتين [٨٢/أ] قولان على سبيل النقل والتخريج وهذا اختيار أبي إسحاق: أحدهما: لا يقطع ولا يحد حتى يحضر الغائب لأن الحد يسقط بالشبهة ويحتمل أن يكون المال المسروق للسارق اغتصبه المسروق منه أو من أبيه أو أودعه عنده أبوه ولا يعلم به السارق. ويحتمل أن يكون المسروق منه أباحه، وكذلك في الأمة يحتمل ما ذكرنا من كونها ملكًا له والشهود شهدوا على الظاهر. والثاني: يقطع ويحد لأن سبب الحد قد وجد وجواز الشبهة لا يمنعه كما تجوز الشبهة، وإن ادعاه المسروق منه أو

<<  <  ج: ص:  >  >>