وروى عمر بن سعيد عن عليّ رضي الله عنهأنه قال: ما من صاحب حد أقيم عليه فيموت فأجد في نفسي منه شيئا الحق إلا شارب الخمر فإنه شئ رأيناه بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم فمن مات منه فديته إما قال: في بيت المال، وإما على عاقلة الإمام الشك من الشافعي، وروى أنه قال: إلا حد شارب الخمر فإن النبي صلي الله عليه وسلم لم يسنه زائدا [١١٧/أ] على أربعين أو لم يسنه بالسياط وأما الخبر الذي ذكروا نحمله على أنه ضرب بالنعلين عشرين مرة بدليل ما ذكرنا. فإن قيل: كيف يجوز أن يبلغ بالتعزيز أربعين سوطا وعندكم لا يبلغ به أدني الحدود؟ قيل: اجتمع هنا أسباب التعزيز من الهذيان وإزالة العقل وغير ذلك فلهذا بلغوا ثمانين.
فإن قيل: لم أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم بالتبكيت؟ وقد روى أبو هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم أتي بشارب فأمر أصحابه أن يضربوه فمنهم من ضربه بنعله ومنهم بيده ومنهم بثوبه ثم قال:(ارجعوا) ثم قال (بكتوه) فبكتوه فقالوا: ألا تستحي من رسول الله صلي الله عليه وسلم تصنع هذا، وروى أنه قال:(وحثوا عليه التراب) فحثي في وجهه التراب وروى وحثي عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم التراب، وروى: فلما أدبر وقع القوم يدعون عليه ويسبونه ويقول القائل: اللهم اخزه اللهم العنه فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (لا تقولوا هذا ولكن قولوا: اللهم ارحمه، وروى أن رجلا كان يلقب بحمار جلده رسول الله صلي الله عليه وسلم في الشراب فلما كان في زمن عمر أتي به فجلده فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتي به فقال: لا تلعنه أما علمت أنه يحب الله ورسوله. وقيل: التبكيت وحثو التراب زيادةً في التعزيز وليس بشرط [١١٧/ب] في الحدود وهو إلى الاجتهاد.
مسألة: قال: وإذا ضرب الإمام في خمر أو ما يسكر بتعلين أو طرف ثوب.
الفصل
اعلم أنه لا يقام الحد عليه إلا بعد الصحو لأنه للردع ولا يرتدع في حالة السكر، وإذا أقام الإمام حد الشرب بنعلين أو طرف ثوب أو رداء أو نحو ذلك ضرباً يحيط العلم أنه لم يجاوز أربعين فمات من ذلك فالحق قتله لأن هذا المقدار من الحد الذي ضربه رسول الله صلي الله عليه وسلم ولو اقتصر اليوم الإمام على مثل هذا الضرب كان حقا واحدا لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم هكذا ضرب، وإن ضربه بالسياط فمات ذكره صاحب (الإفصاح) عن بعض أصحابنا أنه قال: يحتمل وجهين أحدهما: لا يضمن لأن السياط الأصل في الحدود، والثاني: يضمن كما لو ضرب المقعد بالسياط وعدل عن عثكال النخل كذلك ها هنا، وقال (الحاوى): قال ابن سريج وأبو إسحاق: ضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم بالنعال والثياب لعذر في الشارب من مرض أو كان نضو الخلق فعلى هذا يكون حد الصحابة بالسياط في الخمر، وعثمان رضي الله عنه جلد الوليد بالسياط، وقال