للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمهور: حده بالثياب كان شرعا خفف به الخمر كما خففه في العدد فعلى هذا عدل الصحابة بالاجتهاد عنه إلى السياط كما بلغوا ثمانين.

[١١٨/أ] وقال القاضي أبو حامد: الشافعي رضي الله عنه في جراح العمد في باب جناية السلطان: إذا ضربه بالسوط أربعين أو أقل فمات ضمن، وقال في (المختصر) و (الأم) مثل هذا، والقول الآخر لأصحابنا لا عن الشافعي فإذا قلنا بهذا فكم يضمن؟ وجهان: أحدهما: يضمن كل الدية لأنه عدل من جنس إلى غيره فكان الضمان كله عليه. والثاني: لا يضمن كله بل يضمن قدر ما زاد على ألم غير السياط هكذا ذكره أبو حامد، وقال ابن المرزبان: يلزم نصف الضمان في هذا الوجه، والثاني. ثم قال الشافعي ك فإن ضربه أكثر من أربعين فمات ضمن، قال أصحابنا: إنما ضمن لأن ما زاد على الأربعين تعزيز أضافته الصحابة إلى الحد ويجوز للإمام تركه كما يجوز ترك التعزيز، وقد روينا عن علي رضي الله عنه ذلك فإذا تقرر هذا فكم يضمن؟ فيه قولا: أحداهما: نصف ديته لأنه مات من مضمون وغير مضمون فصار كما لو جرحه وآخر جراحة فديته بهما سواء. والثاني: يضمن بقسط الزائد في الجملة فإذا ضرب أحدا وأربعين فمات يلزمه جزءمن أحد وأربعين جزءا من الدية ويسقط الباقي لأن آثار الجرح غير متقاوتة في الغالب فيجب بالحصه كما لو استأجر [١١٨/ب] دابة تحمل عشرة مكاكيك فحمل أحد عشر فمات يلزم الضمان بالحصة لا نصف القيمة.

ثم هذا الضمان يجب على الإمام دون الجلاد لأنه أمر بالضرب وهل يكون ذلك على عاقلته أو في بيت المال؟ فيه قولان والأصح أنه يجب على عاقلته وقد قطع به هنا أنه على عاقله الإمام دون بيت المال، وإن الجلاد فعل ذلك بأن أمره الإمام بأن يحد في الخمر أربعين أو يحد في القذف ثمانين فزاد على ذلك واحدا فعلى الجلاد الضمان وكم يضمن؟ قولان على ما ذكرنا اللهم إلا أن يكون الجلاد يضرب والإمام يعد فزاد بعد الإمام خطأ فيضمن هو دون الجلاد إذا تقرر هذا وقد قال المزني: وقوله فديته على عاقلة الإمام غلط بليجب بعض ديته لأنه من حق وزيادة فكيف تكون الدية بكمالها على عاقلته والموت حصل من مباح وغير مباح؟ الأول أنه لو ضرب في القذف أحدا وثمانين جزءا من الدية، ألا تري أنه قال: لو جرح رجلا فخيط المجروح في لحم حي فعلى الجارح نصف الدية لأنه مات من جرحه والجرح [١١٩/أ] الذي أحدثه في نفسه؟ فكذلك هنا بهما مات فلا تكون الدية كلها على الإمام قلنا: الشافعي رضي الله عنه قائل في هذه المسألة بالتقسيط به كما قلت به أيها المزني ولكن قصد به بيان محل الدية وهي أنها على العاقلة فلم يهذب عبارته في المقدار فتجوز فيها، فقال: فديته على

<<  <  ج: ص:  >  >>