يغرم فلا رجوع على الشاهدين الفاسقين لأنهما شهدا وعندهما أنه يقبل قولهما ربما أدى الأمر في قبول شهادة الفاسق إلى اجتهاد الحاكم، وأما العبدان والكافران والمرأتان فوجهان: أحدهما: يثبت الرجوع لأن رد شهادتهما يقين. والثاني: لا يثبت الرجوع لأنهما ما كذبا أنفسهما بالرجوع عن الشهادة وكان من حقه أن يفحص عن حالهما ولا يقبل شهادتهما وهذا أصح. وقال في جراح العمد:[١٢١/ب] فإن أقر عنده صبي أو معتوه بإقراره بالسرقة ضمن يده وإنما قال ذلك لأن هذا الخطأ منه لأن إقراره لا يصح.
مسألة: قال: ولو قال الإمام للجلاد: أنما أضرب هذا ظلما وعلم أنه ظالم له، فضربه وتلفف الضمان على الجلاد دون الإمام؛ ضمن الإمام والجلاد معا.
في هذا ثلاث مسائل:
إحداهما: أن يأمره بجلد رجل ظلمًا وعلم أنه ظالم له، فضربه وتلف فالضمان على الجلاد دون الإمام؛ لأنه ما أكرهه عليه بل فعله باختياره ولا يجب عليه طاعته في المعصية.
والثانية: أن لا يعلم ظلمه فجلده فمات فالضمان على الإمام لأنه تلزمه طاعة الإمام ما لم يعلم أنه ظلم فصار كأنه ألزمه.
والثالثة: أن يلزمه على ضربه فضربه يلزم الضمان عليهما نصفين لأن الإمام ضارب بالإكراه والضارب آثم فيما فعله فإنه لا يجوز له ضربه وإن أكرهه عليه، وهذا تأويل قوله: ضمن الإمام والجلاد معا، وقال بعض أصحابنا بخراسان: يجب كل الضمان على المكره ولا شيء على المكره في أحد القولين وهذا النص يدل على أن هذا الخطأ من القائل، وقال صاحب (الإفصاح): هذا تأويل باطل لأن الشافعي ذكر هذه المسألة في باب جناية السلطان من باب جراح العمد ولم يذكر مسألة الإكراه فصح التأويل، وقال صاحب (المنهاج): فإن قال قائل: هذا الجلاد إما أن يكون [١٢٢/أ] مختارا فيضمن وحده، أو يكون مكرها فيجب على السلطان دون الجلاد كالمكره والمكره قلنا: الجلاد في صوره المكره لأن أمر الإمام بمجرده إكراه فإن أخبره بأنه ظالم والمكره والمكره شريكان في ضمان النفوس قودًا ومالًا وإنما ينفرد المكره بالضمان في الأموال المستهلكة كما ينفرد فيها بالمأثم وفائدة إخباره إياه بالظلم أنه لو لم يخبره ما كان على الجلاد شيء وكان خطأ الحاكم لا يلتزم فيه الجلاد ضمانا ولا عاقلته لأنه حينئذ كالآلة وهو لا يعلم أن الفعل الذي يباشره ظلم منه وقد ذكرنا قبل هذا شرح ما قيل فيه وهذا الذي قاله غريب.
مسألة: قال: ولو قال الجلاد: ضربته وأنا أرى الإمام مخطئا وعلمت أن ذلك رأي بعض الفقهاء.