إذا أمر الإمام بضرب رجل فضربه ثم قال: ضربته وعلمت أن الإمام مخطئ في ذلك وعلمت أن ذلك رأي بعض الفقهاء فترك الإمام مذهبه أو خالف نص السنة بتأويل واجتهاد مثل أن أمره بقتل حر بعبد فرجع إلى قول أبي حنيفة والجلاد يعتقد أنه لا يجوز والجلاد يعتقد ذلك أيضا يلزم الجلاد الضمان، لأنه لا يجوز له قتله ويلزم القود في هذه المسألة وتمام الدية: وقال صاحب (الإفصاح): [١٢٢/ب] ويحتمل في الضمان وجهان: أحداهما: يلزمه كل الدية. والثاني: يلزمه نصف الدية لأنه من الإمام أمرا، ومن المأمور مباشرة فالضمان عليهما وهكذا ذكره ابن أبي هريرة وأشار إليه القاضي أبو حامد.
وقال في (الحاوى): إن لم يكن فيه نص لحد القذف بالتعريض يلزمه الدية، وإن كان فيه كقتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر ففيه وجهان قال ابن أبي هريرة: يلزمه القود للنص، والثاني لا قود لشبهة الاختلاف، ومن أصحابنا من قال: المسألة بعكس هذا وهو أن الجلاد يعتقد أن قتله جائز والإمام يعتقد أنه لا يجوز فيجب القود على الجلاد اعتبارا بنية الإمام والاجتهاد ليس إليه، إن كان هو من أهل الاجتهاد وإنما هو إلى الإمام لأن الإمام لم يوله القضاء ولم يستخلفه حتى يجتهد وهو مباشر عالم بالحال فيلزمه الضمان ن ولا يلزم الإمام المسبب المخطئ شيء.
فرع
لو اعتقد الإمام والجلاد وجوبه فلا ضمان فيما ذكرنا، وإن كان يعتقد الإمام وجوبه دون الجلاد فإن أكرهه فلا ضمان، وإن لم يكرهه فلا ضمان على الإمام وهل يجب على الجلاد؟ فيه وجهان أحدهما لا ضمان لأنه منفذ لحكم نفذ بالاجتهاد، والثاني يضمن لإقدامه مختارا على إتلاف ما يعتقد وجوب ضمانه، وقيل: هل يجوز له الإقدام عليه؟ [١٢٣/أ] فيه وجهان: أحدهما: يجوز اعتبارا باجتهاد الإمام. والثاني: لا يجوز لأنه يخالف نص قوله صلي الله عليه وسلم (لا يقتل حر بعبد) وقيل: إن مسألة الكتاب هذا _وأراد الشافعي _ عليه ضمان جميع الدية يعني على الجلاد إن لم يكرهه، وإن كان الإمام يعتقد حظره والجلاد يعتقد وجوبه فإن رده الإمام إلى اجتهاد الجلاد فلا ضمان على أحد وإن أمره الإمام به ولم يرده إلى اجتهاده فلا ضمان على الجلاد لأنه استوفي بإذن مطاع ما يراه مشرعا في الاجتهاد، وأما الإمام إن لم يكرهه فلا ضمان عليه وإن أكرهه ضمن لأنه ألجأه إلى ما لا يسوغ في اجتهاده.