على قدر ما يري الحاكم من احتمال المضروب فيما بينه وبين أقل من ثمانين، وحكي عنه أنه قال: أكثر التعزير في جميع الذنوب خمسة وسبعون من غير تفصيل وبه قال ابن أبي ليلي، وقال الشعبي: التعزير ما بين سوط إلى ثلاثين سوطا، وقال مالك والأوزاعي يجوز أن يريد الإمام فيه على أكثر الحدود إن رأي ذلك، ومن أصحابنا من قال: ينقص في التعزير عن حد تلك الجناية فإن وطئ وطئا حراما لا يوجب الحد فلا يبلغ بالتعزير مائة، ويجوز أن يضرب ثمانين وفي تعزير القذف يبلغ سبعين وخمسة وسبعين [١٢٥/ب].
ولو أدار كاس الماء على هيئة إدارة الخمر يعزر دون الأربعين لأنه آثم بهذه الإدارة والتشبيه بشاربي الخمر ذكره القفال وجماعة، وقال الزهري مثل ذلك وزاد فيه فقال: لو وجده ينال منها دون الفرج ضربا بأكثر التعزير وهو خمسة وسبعون لأن حد القذف ثمانون، وإن وجدا عريانين في إزار تضامت أبدانهما من غير حائل ضربا ستين، وإن كانا عريانين غير متضامين ضربا خمسين، وإن وجدا في بيت مبذلين قد كشفا سوأتهما ضربا أربعين فإن كانا مستوري السوأة ضربا ثلاثين، وإن وجدا في طريق يتجاريان ضربا عشرين وإن وجدا يشير كل واحد منهما الآخر بالريبة ضربا عشرة أسواط، وإن وجدا مع صاحبة ضربا خفقات، واحتجوا بأن معن بن زائدة عمل خاتما على نقش خاتم بيت المال ثم جاء به إلى صاحب بيت المال فأخذ منه مالا فبلغ ذلك عمر رضي اله عنه فضربه مائة وحبسه ثم كلم في أمره فضربه مائة أخري فكلم فيه فضربه مائة أخري ونفاه، وعن علي رضي الله عنه أنه ضرب في التعزير خمسة وسبعين سوطا.
ودليلنا أن العقوبات على قدر الإجرام ومعاصي الله تعالى التي نص على حدودها أعظم إثما من غيرها فلا يجوز أن يسوي بين الأهون والأعظم ويؤدي إلى أن من قبل امرأة حراما يضرب حد الزنا [١٢٦/أ] وهذا لا يجوز لأن القطع لا يجوز في سرقة ما دون النصاب على سبيل التعزير فكذلك لا يجوز في سائر الحدود وأما ما روي عن عمر رضي الله عنه قلنا: العلة اجتمع أسباب التعزير من وجوه، وقد روي أنه كتب إلى أبي موسي الأشعري رضي الله عنه أنه لا يبلغ بالتعزير إلى أدني الدود، وحكي عن أبي ثور أنه قال: التعزير على قدر الجناية وإذا كان الجرم عظيما ويجوز أن يزيد على الحد مثل أن يقتل الرجل عبده على ما يري الإمام إذا كان مأمونا عدلا، وحكي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: إن رأي أن يزيد مع ضربه حبسا فعل، وإن رأي الاقتصار على الحبس لم يضربه، وأما تشهير المعزر فجائز إذا أدي اجتهاد الإمام إليه ليكون زيادة في نكال في التعزير. وأن يجرد من ثيابه إلا قدر ستر العورة. وينادي عليه بذنبه إذا تكرر منه ولا يقلع عنه ويجوزه ويجوز أن يحلق شعر رأسه، ولا يجوز أن يحلق شعر لحيته.
واختلف أصحابنا في جواز تسويد وجهه على وجهين: أحدهما: يجوز. والثاني: لا يجوز. ويجوز أن يصلب حيا وقد صلب رسول الله صلي الله عليه وسلم على جبل يقال له أبو ثاب، ولا