وسمعت بعض علمائنا يقول: الصحيح سلعة بكسر السين والسلعة بفتح السين: الشجة الداخلة في الرأس وهكذا ذكر صاحب (الحاوي) فأمر السلطان بقطع ذلك فالمقطوع لا يخلو إن أن يكون جائز الأمر أو لا فإن كان جائز الأمر فلا يجوز للسلطان ولا لغيره قطعها، وكذلك إن احتيج إلى القطع للآكلة فإن قطعها فإن كان بأمره لا يضمن لأن قطعها بإذن من له الإذن في ذلك، وإن كان بغير أمره مكرهًا أو ساكتًا فمات يلزمه القود لأنه تعدى بقطعها. [١٢٧/ ب] وإن لم يكن جائز الأمر مثل أن يكون صغيرًا أو مجنونًا فإن قطعها أبوه أو جده فلا قصاص عليه لأن القصاص لا يجب بقتل ولده ولا ولد ولده وتلزم الدية مغلظة في ماله لأنه جرح لا يؤمن منه الهلاك ولم يجز له قطعها، وإن كان القاطع أجنبيًا يلزمه القود بلا إشكال، وإن كان القاطع أمًا أو حاكمًا أو أمين الحاكم أو وصيًا قال الشافعي: قد قيل: عليه القود، وقيل: لا قود عليه وعليه الدية في ماله فحصل قولان: أحدهما: يلزمه القصاص لأنه قطع منه ما لا يجوز له قطعه وهو مخيف. وهو الثاني: لا يلزم القصاص أنه قصد مصلحته وله النظر في مصالحه فكان شبهة في سقوط القصاص وتجب الدية مغلظة في ماله.
وقال صاحب "الإفصاح": من أصحابنا من قال: هذا إذا كان للمقطوع أب أو جد فافتات السلطان عليهما في ذلك، فأما إذا لم يكن من أولي السلطان فلا قود عليه قولًا واحدًا لأنه له النظر في طلب مصلحته وتكون الدية في ماله، قال القاضي الطبري: ويحتمل غير هذا لأن الشافعي قال: فأما غير السبطان ففعل يكون منه الموت فعليه القود إلا أن يكون أبا صبي أو معتوه لا يعقل أو وليه فيضمن الدية ويدرأ عنه القصاص للشبهة فدرأ القود عن الأب والولي فإذا كان السلطان وليًا كيف يجب عليه القود؟ وقال بعض أصحابنا: إن فعله الأب والجد فلا ضمان عليه أصلًا قولًا واحدًا لأن للأب معالجته [١٢٨/أ] بالفصد والحجامة وغير ذلك فولايته أقوى.
وإن فعله أجنبي يلزمه القود، وإن كان وليًا في ماله وإن فعله السلطان أو قيم من جهته ولاه هذا الأمر ففيه قولان: أحدهما: لا ضمان أصلًا. والثاني: يضمن وبماذا يضمن؟ قولان: أحدهما: بالقصاص. والثاني: بالدية في ماله وهذا غلط بخلاف النص الذي ذكرنا، وقال أبو حامد: إذا قلنا لا قود على الإمام فهل يلزم الدية في ماله أو في بيت المال؟ قولان وفي هذا نظر. وقال صاحب (الحاوي): إن كان قطعها أخوف من تركها يجب القود على السلطان قولان فإن كان إمامًا ففيه وجهان: أحدهما: أنه كالسلطان والمراد بالسلطان الأمير والقاضي. والثاني: أشار إليه أبو إسحاق لا قود عليه لأنه من التهمة أبعد ولأنه أعم فإذا قلنا: يلزم القود فالدية دية عمد مغلظة حالة في ماله، وإذا قلنا: لا قود كانت دية شبه عمد وفيه قولان أحدهما: على عاقلته ولم يذكر في "الشامل" غيره، والثاني في بيت المال لأنه غلط في فعله مخطئ في قصده، وإن