كان الولي أبًا أو جدًا فإن كان تركها أخوف من قطعها فلا ضمان بخلاف السلطان لأنه من التهمة أبعد، وإن كان قطعها أخوف من تركها فهل يضمن الدية؟ وجهان وهل تكون دية عمد بتعجل من ماله أو دية شبه عمد تؤجل على عاقلته؟ [١٢٨/ب] فيه وجهان، وإن كان الولي مستنابًا كوصي الأب وأمين الحاكم فوجهان أحدهما: يلزمه القود لاختصاص ولايتهما بماله دون بدنه. والثاني: يجري عليها حكم من استنابهما لقيامهما بالاستنابة مقامه فإن كان وصي الأب أجري مجرى الأب، وإن كان أمين الحاكم أجري عليه حكم الحاكم إذا قطعها وهذا حسن والصحيح عندي ما ذكرت أولًا أنه عمد محض فلا معنى لوجوب ضمانه على العاقلة.
مسألة: قال: ولو كان رجلًا أغلف أو امرأة لم تخفض.
الفصل
الختان واجب في الرجال والنساء، وقال أبو حنيفة: لا يجب وإنما هو سنة، وروي عن أبي حنيفة أنه قال: واجب لا فرض الكوتر واحتجوا بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الختان سنة في الرجال مكرمة في النساء" ودليلنا قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}[النحل ١٢٣] وهذا كان واجبًا في ملة إبراهيم بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "عشرة من الفطرة" وذكر منها الختان وقوله تعالى: {وإذِ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}[البقرة ١٢٤] الآية. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اختتن إبراهيم حين بلغ ثمانين سنة، وروى موسى بن علي عن أبيه أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم [١٢٩/أ] أمر أن يختتن وهو ابن ثمانين سنة فجعل فاختتن بقدوم فاشتد عليه الوجع فدعا ربه فأوحى إليه إنك عجلت قبل أن نأمرك بالآلة قال: يا رب كرهت إن أؤخر أمرك. قال: وختن إسماعيل صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاثة عشر سنة، وختن إسحاق صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبعة أيام، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل "ألق عنك شعر الكفر واختتن". وأما خبرهم فلم يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإن صح أراد به سنة واجبة والواجب يسمى سنة وحد السنة ما رسم لتحتذى، وقد روى ابن عباس أنه قال: "لا تقبل صلاة رجل لم يختتن" وقيل: أراد به إظهاره سنة في الرجال وإخفاؤه مكرمة في النساء وهذا تأويل بديع.