حامد: فيه قولان أحدهما: ما ذكرنا قياسًا على عذره في حق نفسه، والثاني: يلزمه الرجوع لأن الثبات فرض وحق الغريم حقٌّ وهما متعينان فقدم الأسبق وهو حق الغريم ثم قال في ((الحاوي)): إذا التقى الزحفان فإن كان رجوعه أصلح من مقامه رجع، وإن كان مقامه أصلح لاضطراب المجاهدين برجوعه لا يرجع، وإن تساوى مقامه ورجوعه فإن كان عذره حادثًا له أن يرجع به سواء كان في حق نفسه أو في حق غيره لأنه قد خرج به من فرض الجهاد، وإن كان عذره متقدمًا فإن كان في حق نفسه يمنع من الرجوع التوجه الفرض عليه بالحضور، وإن كان عذره في حق غيره ففي رجوعه وجهان على ما ذكره القاضي أبو حامد.
فرع
كل موضع قلنا عليه أن يرجع لحق صاحب الدين أو الأبوين أو لحق من يلزمه نفقته أو قلنا: له أن يرجع لمرض لم يكن للسلطان منعه وكان عليه تحليته. قال الشافعي: إلا أن يكون أصاب ذلك جماعة وكان يخاف على المسلمين من رجوعهم الخلوة فيكون له حبسهم.
فرع آخر
قال الشافعي رضي الله عنه: ولو غزا مع السلطان بعد ثم رده الأبوان أو الغريم كان للسلطان منعه من الرجوع [١٧٧/أ] وإن حدث له عذر من مرض أو زمانة أو عرج شديد لا يقدر على مشي الصحيح معه ليس له الرجوع في الجعل لأنه حق من حقوقه أخذه ويريد به سهم الغزاة ففرق الشافعي بين العذر بالمرض، وبين العذر بالأبوين في الحبس واسترجاع الجعل، وقال في ((الحاوي)): إذا كان مستعجلًا على غزوه من السلطان ووجد العذر فإن كان في حق غيره لم يرجع لأن الجعالة مشتركة بين حق الله تعالى وحق الآدمي فهي آكد مما انفرد بحق الآدمي، وإن كان العذر في نفسه فإن العذر في نفسه فإن كان العذر متقدمًا على الجعالة يمنع من الرجوع لأنه التزم مع عذره، وإن حدث العذر بعد الجعالة كحدوث الزمانة أو تلف النفقة يجوز له الرجوع ولا يمنعه السلطان ولا يسترجع منه ما أخذ، وإن كان بعد التقاء الزحفين يلزمه أن يقيم ولا يرجع إذا تساوى مقامه ورجوعه، وإن كان مقامه أصلح لا يرجع أيضًا، وإن كان رجوعه أصلح من مقامه رجع.
فرع آخر
قال: وإن كان سليمًا صحيحًا فذهب ماله أو تلف مركوبه كان على السلطان أن يعطيه، فإن أعطاه كان له حبسه.