للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق". وروى أبو إمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق". وروى أبو إمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يغز ولم يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة". وروى زيد بن خالد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا".

ومن خلفه في أهله فقد غزا. فإذا تقرر هذا فينبغي أن لا يأتي عام إلا وله فيه غزو بنفسه أو بسراياه فلا يجب أن يغزو بنفسه بكل حالٍ وما مضت برسول الله صلى الله عليه وسلم سنة إلا وكان له فيها جهاد إما غزوة أو غزوتان وإنما جعل الأقل مرة في كل سنة لأن الجزية المأخوذة على ترك القتال في كل سنة مرة ولأن سهم الغزاة يجب في أموال الأغنياء في كل سنة مرة ولأنه فرض الجهاد وأقل الفروض المتكررة ما يجب في كل عام مرة كالصيام والزكاة، ولا يجوز أن يتركه إلا من ضرورة لقول الله تعالى: {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} قال قتادة: إنها وردت في الجهاد.

واعلم أن الذي استقرت عليه سيرة الخلفاء الراشدين أن يكون لهم في كل سنة أربع غزوات صيفية وشتوية وربيعية وخريفية. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد فرض الجهاد عليه قريب من ذلك وأكثر فإنه كان له في تسع سنين سبع وعشرون غزاًة بنفسه وسبع وأربعون سرية بأصحابه وإذا عجز عن ذلك اقتصر فيها على ما يقدر عليه والأقل ما ذكرنا.

فرع

إذا غزا عامًا بلدًا غزا قابلًا غيره ولا يتابع الغزو على بلد واحد ويعطل ما سواه من بلاد المشركين، وإن يخلف حال أهل البلاد فيتابع الغزو على من يخاف نكايته أو على من يرجو غلبة المسلمين على بلاده فيكون تتابعه على هذا المعنى الذي ليس في غيره مثله.

فرع آخر

قال: وينبغي للإمام إذا غزا قومًا أن يعتمد على ثقة في دينه على ما ذكرنا ويتقدم إليه أنه لا يجمل المسلمين مهلكة يخاف ولا يكلفهم قصد حن يخاف أن يشدوا تحته ولا يلزمهم دخول مطمورة يخاف أن يعطبوا فيها، ولا يدفعوا عن أنفسهم ولا غوث لهم ولا يحملهم على شيء من أسباب المهالك فإن فعل ذلك الوالي والإمام فقد أساء ويستغفر الله تعالى ولا قود ولا كفارة عليه إن أصيب أحد منهم بطاعته، وكذلك لا يأمر القليل منهم بإتيان الكثير حيث لا عون لهم ولا يحمل أحدًا منهم على

<<  <  ج: ص:  >  >>