غير فرض القتال وذلك أن يقاتل الرجل الرجلين ولا يجاوز ذلك. وروي أن عبد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه فقال له معقل: إني محدثك لولا أني في الموت لم أحدثك به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم ولا ينصح إلا لم يدخل الجنة معهم". وقال عمر رضي الله عنه في خطبته: ألا إنما أبعث عمالي ليعلموكم دينكم وسننكم ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم ولا يأخذوا أموالكم ألا من دابة شيء من ذلك فليرفعه إليّ لأقصه منه، ثم قال: ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم ولا تحمدوهم فتفتنوهم ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم. وروي أنه نهى حمل المسلمين مهلكه قال: والذي نفسي بيده ما يسرّني أن يفتحوا مدينة فيها أربعة آلاف مقاتل بتضييع رجل مسلم. وروي أن عمر رضي الله عنه استعمل رجلًا ثم قبل ولده فقال له: ما قبلت ولدًا قط وأنت تقبل يا أمير المؤمنين فقال: أنت بالناس أقل رحمة هات عهدنا لا تعمل لي عملًا أبدًا.
فرع آخر
إذا حملهم على ما ليس له حملهم عليه فلهم أن يفعلوه لأنه جهاد يحل لهم بأنفسهم أن يقدموا فيه على ما لي عليهم بفرض، قد برز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الأنصار على جماعة من المشركين يوم بدر بعد إعلام النبي صلى الله عليه وسلم إياه بما في ذلك من الثواب فقتل رحمه الله وكان هذا الرجل عوف بن عفراء. فإن قيل: أليس قال الله تعالى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}؟ قلنا: هذا ورد في ترك النفقة في سبيل الله هكذا قال حذيفة بن اليمان ورواه ابن عباس، وروى أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلًا من الأنصار حمل على الروم حتى دخل فيهم ثم خرج فقال الناس: سبحان الله ألقى بيده إلى التهلكة فقال أيوب: إنما أنزلت فينا معشر الأنصار قلنا فيما بيننا سرًا: إن أموالنا قد ضاعت فلو أقمنا فأصلحنا فأنزل الله تعالى هذه الآية فكانت التهلكة في الإقامة التي أردنا. وقال رجل للبراءة بن عازب رضي الله عنه: أحمل على الكتيبة بالسيف في ألفٍ من التهلكة ذلك؟ قال: لا إنما التهلكة أن يذنب الرجل الذنب ثم يلقي بيديه يقول: لا يغفر لي وقد قال الشافعي: والاختيار أن يتحرز لما روى السائب بن يزيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحد بين درعين. وروى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من