لو دخل العدو بلاد الإسلام يتعين فرض قتاله على أهلها وهل يتعين على كافة المسلمين كما يتعين على أهل الثغر؟ فيه وجهان أحدهما: يتعين عليهم لأن جميع المسلمين يد على من سواهم، والثاني: يتعين عليهم ويكون باقيًا على الكفاية لقدرة أهل الثغر على دفعهم ولا يراعى بعد دخول العدو دار الإسلام أن يكونوا مثلين كما يراعى قبل دخوله، بل تراعى القدرة على دفعهم لأن القدرة بعد الدخول ظافر ومثله معترض.
فرع آخر
لو انهزم أهل ذلك الثغر عنهم صار فرض جهادهم متعينًا على كافة الأمة وجهًا واحدًا حتى يرده إلى بلادهم، فإذا ردوه إليها فإن عادوا خاليًا من سبي وأسرى سقط ما تعين من فرض قتاله، وإن عادوا بسبي وأسرى يكون فرض قتاله باقيًا حتى يسترجع ما في أيديهم من السبي وأسرى.
فرع آخر
ألحق الشافعي رضي الله عنه رد جواب السلام وفن الموتى والقيام بطلب العلم وصلاة الجنازة بالجهاد في كونها فرضًا على الكفاية.
فرع آخر
اعلم أنه يتعلق بالسلام حكمان: أحدهما: في ابتدائه. والثاني: في رده. أما ابتداءه فينقسم ثلاثة أقسام: أدب، وسنة، ومختلف فيه، فالأدب سلام المتلاقين وهو خاص لا عام لأنه لو سلم على كل من لقي لتشاغل به عن كل مهم ويخرج به عن العرف وإنما يقصد به أحد أمرين إما أن يكتسب به ردًا، أو ستدفع به بذاءًا قال الله تعالى:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} قيل: في تأويله ادفع بالسلام إساءة المسيء فصار هذا السلام خاصًا لا عامًا وكان من آداب الشرع لا من سننه لأنه يفعله لاجتلاب تآلفٍ. والأولى في ابتداء السلام أن يبدأ به الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والقائم على القاعد لأن ذلك مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن استويا فأيهما بدأ كان له فضل التحية.
وأما السنة: فسلام القاصد على المقصود وهو عام يبتدئ به كل قاصد على كل مقصود من صغير وكبير وراكب وماشٍ. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدئ بالسلام إذا قصد ويبتدئ به إذا لقي وقصد وهذا من سنن الشرع لأنه مندوب إليه لغير سبب مختلف وبين هذا وبين سلام الأدب فرقان: عموم هذا، وخصوص ذاك، وتعيين المبتدئ بهذا