قال الشافعي:"وتقسم أربعة أخماسه بين من حضر الوقعة دون من بعدها واحتج بأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قالا: "الغنيمة لمن شهد الوقعة".
قال في الحاوي: وهذا كما ذكر إذا خرج من الغنيمة خمسها، ورضخ من لا سهم له فيها كان باقيها للغانمين الذين شهدوا الوقعة يشترك فيها من قاتل ومن لم يقاتل، لأنه كان ردًا للمقاتل قال الله تعالى:{واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ} فلما أضاف الغنيمة إليهم استثنى خمسها منهم دل على أن باقيها لهم، كما قال تعالى:{ووَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} فكان الباقي بعد الثلث للأب، فإن لحق بمن شهد الوقعة مدد من المسلمين عونًا لهم فعلى ثلاثة أضرب:
أحدها: أن يلحقوا بهم قبل تقضي الحرب وانكشافها، فالمدد يشركهم في غنيمتها إذا شهدوا بقية حربها.
والثاني: أن يلحقوا بهم بعد تقضي الحرب وإجازة غنائمها فلا حق لهم في غنيمتها سواء أدركوهم في دار الحرب أو بعد خروجهم منها.
والثالث: أن يلحقوا بهم بعد تفضي الحرب وإجازة غنائمها، فشهدوا معهم إجازتها ففيها قولان:
أحدهما: يشاركونهم فيها.
والثاني: لا يشاركونهم.
وهذان القولان مبنيان على اختلاف قولي الشافعي فيما تملك بع الغنيمة بعد إجازتها فأحد قوليه: إنها تملك بحضور الواقعة فعلى هذا لا حق للمدد فيها.
والثاني: إنهم ملكوا بالحضور أن يتملكوها بالإجازة، فعلى هذا يشاركهم المدد فيها ويخرج على القولين ... المدد بهم بعد الوقعة وإجازة الغنائم، وهو مذهب مالك والأوزاعي والليث بن سعد وأحمد وإسحاق.
وقال أبو حنيفة: إن لحق بهم المدد وهم في دار الحرب أو بعد خروجهم من دار الحرب وبعد قسمة الغنائم في دار الإسلام لم يشركوهم استدلالًا بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن عامر إلي أوطاس، فعاد وقد فتح النبي صلى الله عليه وسلم حنينًا فأشركهم في غنائمها.
وبما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلي أمراء الأجناد أن من جاءكم من الإمداد قبل أن يتفقا القتلى فأعطوه من الغنيمة.
وروى الشعبي أن عمر كتب بذلك إلي سعد بن أبي وقاص، ولأن القوة بالمدد هي المؤثرة في الظفر فصاروا فيها كالمكثر والمهيب، فوجب أن يكونوا بمثابتهم في المغنم،