للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالذوائب حتى تطول. وهذا غلط، لأنه شعر طاهر، وليس في شده غش، ولا تدليس، فلا وجه للمنع منه.

والأصل في كراهة الوصل ما روي أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها علة فتمزق شعرها، أفلا أصل فيه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لعنت الواصلة والمستوصلة". وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "ألا ألعن من لعن الله في كتابه، لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والواشرة والمستوشرة"، فرجعت امرأة معنية بأمر دينها فقرأت القرآن، فرجعت إلى ابن مسعود، وقالت: قرأت ما بين الدفتين، فلم أجد ما قلت، فقال: لو قرأتيه لوجدتيه، الم تسمعي الله تعالى يقول: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]؟ وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة"، الخبر.

وروي أنه قال: "لعن الله الواشرة والمستوشرة، والنامصة والمتنمصة، والعاضهة والمستعضهة، والمغلجة للحسن والمغيرة خلق الله فقال: وأراد بالواصلة: واصلة الشعر. والمستوصلة: طالبة الوصل، والواشمة: التي تجعل في وجهها خالاً للحسن، وقيل: التي تنقش يديها وتسمه بالخضرة، وربما تسقيه العظلم، وأما الوشم بالحناء والخضاب حلال، وأراد بالمستوشمة طالبة الوشم، وأراد بالواشرة: التي تبرد الأسنان بحديدة لتحديدها وزينتها، وأراد بالنامصة: [١٧٦ ب / ٢] التي تأخذ الشعر من حول الحاجبين وأعالي الجبهة. وقيل: التي تدقق حاجبيها وترققه للجمال، وهو قريب مما تقدم، والمفلجة للحسن: التي تبرد أسنانها لتفليجها. والعاضهة: التي تقع في الناس.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن وصلت بشعر الآدمي لا يجوز بحال، لأنه وان كان شعر امرأة لا يحل للزوج النظر إليه، لأنه عضو من أجنبية. وقيل: يجب دفنه ومواراته حتى قلامة ظفر يجب دفنها. وان كان شعر رجل لم يجر لها أن تستصحبه، وإن وصلت بشعر طاهر لا من آدمي، فالتفصيل فيه كالتفصيل في التطريف والنقوش بالحنا وتحمير الوجه بالحمرة، ونمش الحاجبين بالواد، فإن كانت تبرز لغير زوجها لا يجوز، وان كانت لا تبرز لغيره، ولم يعلم به الزوج لا يجوز لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زورٍ"، وإن علم الزوج به ورضي، فيه وجهان:

أحدهما: يجوز، لأن فيه استمالة قلبه.

والثاني: لا يجوز لعموم النهي، وقال بعض أصحابنا: مفهوم كلام الشافعي الجواز، لأنه خص شعر الآدمي وشعر ما لا يؤكل لحمه عن الوصل، فدل أن بغيره يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>