أحدهما: أن أهل الطائف أسلموا، فأقرهم رسول الله صلي الله عليه وسلم علي أملاكهم في أرضهم، فكانت أرض عشر لم يضرب عليها خراجا.
والثاني أن الخراج أحد الجزيتين، فلم يجز أن يؤخذ من مسلم كالجزيه علي الرؤوس.
والثالث: ما جلا عنه أهله من البلاد خوفا حتى استولي عليه المسلمون، فأرضهم في مخموس توقف رقابها، ويصرف ارتفاعها مصرف الفئ، فإن ضرب الإمام عليها خراجا جاز، وكان الخراج أجرة يصرف مصرف الفئ، في أحد القولين بعد الخمس مصروفا إلي الجيش خاصة، وفي القول الثاني في جميع المصالح التي منع أرزاق الجيش، وفيما يصير به وفقا وجهان:
أحدهما: يصير وفقا بالاستيلاء عليها، ولا يراعي فيها لفظ الإمام بوقفها.
والثاني: لا تصير وقفا إلا أن يتلفظ الإمام بوقفها.
والرابع: ما صولح عليه المشركون من أرضهم علي أن يكون ملكا للمسلمين بخراج يؤديه أهلها إلي الإمام، فهذه الأرض في ذلك الاستيلاء عليها بغير إيجاف خيل ولا ركاب وتصير وقفا علي ما ذكرنا من الوجهين:
أحدهما: بأن يتلفظ الإمام أو من استنابة فيها بوقفها، وتصير الأرض من بلاد الإسلام ولا يجوز بيعها كسائر الوقوف، ولا يقر فيها أهلها من المشركين إلا بالجزية المؤداة عن رؤوسهم جزيتهم بخراج أرضهم، لأن خراجها أجرة لا جزية.
فإن انتقلت إلي يد مسلم لم يسقط عنه خراجها، وكذلك لو أسلم أهلها.
والخامس: وهو مسألة الكتاب أن يصالحوا علي الأرضين لهم بخراج يؤدونه عنها، فيجوز ويكون هذا الخراج جزية، والأملاك طلق يجوز بيعها، وينظر في بلادها، فإن لم يستوطنها المسلمون، فهي دار عهد، وليست دار الإسلام، ولا دار حرب، ويجوز أن يقر أهلها بالخارج من غير جزية رؤوسهم ولا يجري عليها من أحكامنا إلا ما يجري علي المعاهدين دون أهل الذمة والمسلمين، وإن استوطنها المسلمون بالاستيلاء عليها صارت دار إسلام، وصار المشركون فيها أهل ذمة يجب عليهم جزية أرضهم وحدها جاز إذا بلغ ما يؤخذ من كل واحد من أهلها دينارا فصاعدا.
وقال أبو حنيفة: يجب أن يجمع عليهم بين جزية رؤوسهم وجزية أرضهم، ولا يجوز الاقتصار علي جزية الأرض وحدها، وهذا فساد، لأن الجزية واحدة لا يجوز مضاعفتها علي ذي مال ولا غيره كسائر أهل الذمة، فإن أسلموا سقطت عنهم جزية رؤوسهم وجزية أرضهم.
وقال أبو حنيفة: لا تسقط عنهم جزية أرضهم بالإسلام احتجاجا لا خراج عن أرض، فلم يسقط بالإسلام كالخراج علي سواد العراق.
ودليلنا: ما روى النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "لا ينبغي لمسلم أن يؤدي الخراج، ولا