للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإنجيل في ثبوت حرمته وإقرار أهله.

وإن لم يتضمن تعبدا وأحكامًا، وكان مشتملًا على مواعظ وأمثال يفتقر أهله في التعبد والأحكام إلى غيره كان مخالفًا لحرمة التوراة والإنجيل ولم يجز أن يقر أهله عليه.

فصل:

فإذا تقرر حكم أهل الكتاب أنهم مقرون بالجزية على ما تدينوا به من شرائعهم، فالكلام في تعيينهم، وحكم من دخل في أديانهم تعيين أهل الكتاب وحكم من دخل في أديانهم مشتمل على فصلين:

أحدهما: من عرف كتابه ودينه من اليهود والنصارى.

والثاني: من لم يعرف.

فأما المعروفون من اليهود المتدينون بالتوراة والنصارى المتدينون بالإنجيل فضربان:

أحدهما: من عاينه وآمن به وتدين بكتابه كاليهود الذين كانوا في عصر موسى، والنصارى الذين كانوا في عصر عيسى من بني إسرائيل، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وأبناء هؤلاء الآباء مقرون على دينهم بالجزية، وهم أبناء من عاصر موسى وعيسى، فإن لم يبدلوا كانت لهم حرمتان: حرمة آبائهم أنهم كانوا على حق، وحرمة بأنفسهم في تمسكهم بكتابهم، وإن بدلوا أقروا مع التبديل لإحدى الحرمتين، وهي حرمة آبائهم، وليس لهم حرمة أنفسهم في التمسك بكتابهم: لأن المبدل لا حرمةً له.

والثاني: من دخل في دينهما من غيرهما، بعد انقضاء عصر نبوتهما، وهو أن يدخل في اليهودية بعد موسى، وفي النصرانية بعد عيسى، فهذا على ثلاثة أقسام:

أحدهما: أن يدخلوا فيه قبل تبديله.

والثاني: أن يدخلوا فيه بعد نسخه.

والثالث: أن يدخلوا فيه بعد تبديله وقبل نسخه.

فأما القسم الأول: وهو أن يدخلوا فيه قبل تبديله، فهم مقرون عليه بالجزية كالداخل فيه على عصر نبيه، وسواء كان أبناؤهم الآن مبدلين أو غير مبدلين، ولأن لهم حرمتين إن لم يبدلوا، وحرمة واحدة إن بدلوا: لأن دينهم على حق بعد موت نبيهم كما كان على حق قبل موته، فاستوت حرمة الدخول فيه من الحالين.

وأما القسم الثاني: وهو أن يدخلوا فيه بعد نسخه، وبعد نسخ شريعة عيسى في النصرانية بشريعة الإسلام. فأما نسخ شريعة موسى ففيه وجهان حكاهما أبو إسحاق المروزي:

أحدهما: أنها تكون منسوخة بالنصرانية - شريعة عيسى - وهو أظهرها، لاختلافهما وأن الحق في أحدهما.

والثاني: أنها منسوخة بشريعة الإسلام دون النصرانية: لأن عيسى نسخ من شريعة

<<  <  ج: ص:  >  >>