للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما القسم الثاني: وهو العهد تعريفه: فهو أن يجعل لمن دخل من المشركين إلى دار الإسلام أمان إلى مدة مقدرةً بأربعة أشهر، ولا يجوز أن تبلغ سنة، وفيما بين أربعة أشهر وسنة قولان.

فإن كان على مال يؤخذ منهم كان أولى، وإن كان على غير مال جاز، ولا يجوز أن يعقد على مال يدفع إليهم، ولا أن يتولى عهدهم غير الإمام، فيكون العهد موافقا للهدنة من وجهين، ومخالفًا لها من وجهين: فأما الوجهان في الموافقة:

فأحدهما: أن لا يتولاهما إلا الإمام ونائبه.

والثاني: أن لا يجيب إليهما إلا عند المصلحة فيما للمسلمين دونهم. وأما الوجهان في المخالفة:

فأحدهما: أن الهدنة يجوز أن تعقد على مال يدفع إليهم، ولا يجوز أن يعقد العهد على مال يدفع إليهم.

والثاني: في قدر المدةً، واختلافهما فيهما من وجهين:

أحدهما: أن انتهاء مدة الهدنة مقدرة بعشر سنين، وانتهاء مدة المقام في العهد أربعة أشهر.

والثاني: أنه يجوز في مدة العهد أن يتكرر دخولهم بذلك العهد، ولا يجوز بعد مدة الهدنة أن تتكرر موادعتهم إلا باستئناف عقد.

وأما القسم الثالث: وهو الأمان: فهو ما بذله الواحد من المسلمين أو عدد يسير لواحد من المشركين أو لعدد كثير فيكون موافقا للعهد من وجهين، ومخالفًا له من وجهين:

فأما الوجهان في الموافقة:

فأحدهما: في تقدير مدتها بأربعة أشهر.

والثاني: التزام حكمهما في دار الإسلام من المسلمين، ولا يلزم في دار الحرب، ولا من المحاربين.

وأما الوجهان في المخالفة:

فأحدهما: أن العهد عام لا يتولاه إلا الإمام، والأمان خاص يجوز أن يتولاه غير الإمام.

والثاني: أن العهد يلزم فيه المماثلة، فنأمنهم إذا دخلنا إليهم كما نؤمنهم إذا دخلوا إلينا.

والأمان الخاص لا تلزم فيه المماثلة، فيجوز أن يؤمن آحادهم إذا دخلوا إلينا وإن لم يؤمنوا آحادنا إذا دخلنا إليهم.

وأما القسم الرابع: وهو عقد الذمة: فهو أن يقر أهل الكتاب على المقام في دار

<<  <  ج: ص:  >  >>