فأما الشرط الأول: في عدد الأضياف، فهو أن يشترط علي الموسر ما استقر عليه من خمسة إلي عشرة، وعلي المتوسط من ثلاثة إلي خمسة بحسب ما يقع عليه التراضي، ليضيف كل واحد منهم القدر المشروط عليه في يساره وتسوطه فإن سوى بين الموسر والمتوسط في عدد الأضياف جاز مع المراضاة كما يجوز أن يسوى بينهم في دينار الجزية، فإن شرط علي جميع الناحية عددا من الأضياف كأنه شرط علي الناحية ضيافة ألف رجل جاز، واجتمعوا علي تقسيط الألف بينهم علي ما ينفقون عليه من تفاضل أو تساو، فإن اختلفوا، وتنازعوا إلينا، قسطت بينهم التساوي دون التفاضل، فإن كانت لهم جزية رؤوس تفاضلوا فيها، ففي اعتبار الضيافة بها وجهان:
أحدهما: يتفاضلون في الضيافة بحسب تفاضلهم في جزية الرؤوس إذا جعلت الضيافة تبعا.
والثاني: يتساوون في الضيافة، وإن تفاضلوا في الجزية إذا جعلت الضيافة أصلا.
وأما الشرط الثاني: في أيام الضيافة: فالعرف والشرع فيها لكل ضيف ثلاثة أيام.
أما العرف المشهور في الناس تقديرها بالثلاث.
وأما الشرع: فلقول النبي صلي الله عليه وسلم "الضيافة ثلاثة أيام، وما زاد عليها مكرمة".
وروى "صدقة"، ولأن الضيافة مستحقة للمسافر ومقامه في سفره ثلاث، وما زاد عليها مغير لحكم السفر إلي الإقامة والضيافة لا يستحقها مقيم، فإن زاد في الشرط علي ثلاث أو نقص منها كان الشرط أحق من مطلق الشرع والعرف، ويذكر عدد أيام الضيافة في السنة أنها مائة يوم أو اقل، أو أكثر ليكون أنفي الجهالة، فإن لم يذكر عدد الضيافة، وأيامها في السنة، واقتصر علي ذكر ثلاثة أيام عند قدوم كل قوم كان علي الوجهين في الضيافة:
أحدهما: يجوز إذات جعلت تبعا.
والثاني: لا يجوز إذا جعلت أصلا.
وأما الشرط الثالث: فهو قدر الضيافة، فمعتبره من ثلاثة أوجه:
أحدهما: جنس الطعام، وذلك غالب أقوالهم من الخبز والأدم، فإن كانوا يقتاتون الحنطة، ويتأدمون باللحم، فإن عليهم أن يضيفوهم بخبز الحنطة، وأدم اللحم.
وإن كانوا يقتاتون الشعير، ويتأدمون بالألبان أضافوهم منه أو بما سوى ذلك مما هو غالب قوتهم وأدامهم، وإن كانت لهم ثمار وفواجه يأكلونها غالبا في كل يوم شرطها