للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم في زمانها وليس للأضياف أن يكلفوهم ما ليس بغالب من أقواتهم، وأدامهم، ولا ذبح حملانهم ودجاجهم، ولا الفواكه النادرة والحلوى التي لا تؤكل في يوم غالبا ولا ما لم يتضمنه شرط صلحهم.

والثاني: مقدار الطعام والأدام، وللطعام في الشرع أصل أكثره "مدان" من حب في فدية الأذي وأقله "مد" في كفارة الأيمان لأنه ليس يحتاج أحد في الأغلب إلي أكثر من "مدين" ولا يقتنع في الأغلب بأقل من مد و"المد" رطل وثلث، ويكون خبزه رطلين، والمدان أربعة أرطال خبزًا.

فأما الإدام فلا أصل له في الشرع، فيكون مقداره معتبرا بالعرف الغالب يشرط لكل ضيف من الخبز كذا، فإن ذكر أقل من رطلين لم يقتنع، وإن ذكر أكثر من أربعة لم يحتج إليها، ولو شرط ثلاثة كان وسطا، ويذكر جنس الإدام، ومقداره للضيف في كل يوم، وإن كانت له دواب ذكر ما يعقله الواحد منها في كل يوم من التبن والقت والشعير بمقدار كاف، لا سر فيه ولا تقطير، فإن شرط علفها، وأطلقه علقت التبن والقت، ولا يلزمهم للأضياف أجرة حمام، ولا طبيب، ويشترط عليهم أن من انقطع مركوبه حملوه إلي أقرب بلاد الضيافة لهم، فإن لم يشترط عليهم لم يلزمهم.

والثالث: السكن لحاجتهم إليه في الحر والبرد، فيشترط عليهم أن يسكنوهم من فضول منازلهم، وكنائسهم وبيعهم، ليكونوا فيها من حر وبرد، وكذلك لدوابهم.

وقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلي الشام أن يؤخذ أهل الذمة بتوسيع أبواب كنائسهم وبيعهم، ليدخلها الراكب إذا نزلها، وليس للأضياف إخراجهم من مساكنهم إذا نزلوا عليهم، وإن ضاقت بهم ويثبت الإمام ما استقر من صلح هذه الضيافة في ديوان كل بلد من بلاد الضيافة، ليأخذهم عامل ذلك البلد بموجبه ثم يثبته في الديوان العام لثبوت الأموال كلها ليرفع إليه عند الحاجة إذا تنازع فيه المسلمون وأهل الذمة، وإن فقد الديوان، ولم يعرف فيه ما صولحوا عليه عمل ما يشهد به شاهدان من المسلمين، فإن لم يكن عندهم شهادة قبل فيه قول أهل الذمة إقرارا لا خبرا ولا شهادة، فإن عمل علي قولهم فيها ثم بان له زيادة رجع عليهم بها.

مسألة:

قال الشافعي: "ولا يؤخذ من امرأة ولا مجنون حتى يفيق ولا مملوك حتى يعتق ولا صبي حتى ينبت الشعر تحت ثيابه أو يحتلم أو يبلغ خمس عشرة سنة فيلزمه الجزية كأصحابه".

<<  <  ج: ص:  >  >>