قال في الحاوي: ذكر الشافعي فيمن تسقط الجزية عنه أربعة أصناف النساء والمجانين والعبيد والصبيان.
فأما النساء، فلا جزية عليهم لخروجهن عن المقاتلة، وتحريم قتلهن عند السبي، والله تعالي يقول:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[التوبة: ٢٩] وهن غير مقاتلات.
وقد مر رسول الله صلي الله عليه وسلم في بعض غزواته بامرأة مقتولة، فقال "ما بال هذه تقتل وهي لا تقاتل" فذلك قلنا: إنه لا جزية عليها، سواء كانت ذات زوج يؤدي الجزية أو كانت خالية لا تتبع رجلا، وهكذا الخنثي المشكل لا جزية عليه، لجواز أن يكون امرأة، فلو بذلت امرأة من أهل الذمة الجزية عن نفسها، لم يلزم لخروجها من أهل الجزية، فإن دفعتها مختارة جاز قبولها منها، وتكون هدية لا جزية، فإن امتنعت من إقباضها لم تجبر علي دفعها، لأن الهدايا لا إجبار فيها وإذا نزل جيش المسلمين حصنا، فبذل نساؤه الجزية لم يخل حالهن من أمرين:
أحدهما: أن يكون معهن رجال، فلا يصح عقد الجزية معهن، سواء بذلن الجزية من أموالهن أو من أموال رجالهن، لأنهن إن بذلنها من أموالهن، فليس من أهل الجزية، فلا تلزمن،، إن بذلنها من أموال رجالهن لم يلزم الرجال بعقد غيرهم.
والثاني: أن ينفرد النساء في الحصن عن رجل مختلط بهن، ففي انعقاد الجزية معهن منفردات قولان حكاهما أبو حامد الإسفراييني وأشار إليهما أبو علي بن أبي هريرة توجيها:
أحدهما: أنه لا تنعقد بهما الذمة لهن لخروجهن من أهل الجزية، فلم تنعقد معهم الجزية، فعلي هذا يصمم أمير الجيش علي حصارهن حتى يسبين:
والثاني: تنعقد معهن الذمة بما بذلنه من الجزية ويحرم سبيهن لأنه لما كان إقرارهن بالجزية تبعا كان إقرارهن بما بذلنه منفردات أولي، فعلي هذا هل تلزمهن الجزية يبذلهن أم لا علي وجهين أشار إليهما ابن أبي هريرة:
أحدهما: يلزمهن أداؤها بعد إعلامهن عند عقدها أنهن من غير أهلها فإن امتنعن من بذلها بعد لزومها خرجن عن الذمة.
والثاني: أن لا يلزمهن أداؤها وتكون كالهدية تؤخذ منهن إذا أجبن إليها، ولا تؤخذ إذا امتنعن منها، وهل علي ذمتهن في حالتي الإجابة والمنع.
وإذا اجتمع الرجال والنساء، فبذل الرجال الجزية عن أنفسهم ونسائهم نظر.
فإن بذلوها من أموالهم جاز، ولزمهم ما بذلوه، وجري مجري زيادة بذلوها من