عنه:"يكره أن يبني باللبن النجس مسجداً ويفرش به"؛ لأن المسجد ينزه عن النجاسة، والصلاة تكره على النجاسة أو إلى النجاسة، وإن لم يلاقها المصلي، فإن بنى مسجداً وصلى في بقعة طاهرة، والجدار نجس صحت صلاته كما لو كان أمامه قبراً منبوشاً أو جيفة وإن فرش المسجد به لم تجز الصلاة عليه، فإن فرش عليه بساطاً وصلى كره، لأنه صلى على نجاسة تحت بساطه، وتجوز.
وأما ما يطهر به هذا اللبن ينظر فيه، فإن كانت النجاسة جامدة كلحوم الموتى والعذرة والسرجين. قال في "الأم": "لا سبيل إلى طهارة هذا الحال طبخ أو لم يطبخ، ولو غسل بما، الدنيا [١٨٠ أ / ٢] كالميتة".
ومن أصحابنا من قال: إذا طبخ فقد أكلت النار أجزاء النجاسة التي على وجه اللبنة، فإذا غسل بالماء ظاهرها طهر ظاهرها، ويجوز إن يصلى عليها. وهذا صحيح، وإن كان خلاف ظاهر النص وذاك محمول على ما لو لم تحرق النار أجزا، النجاسة في ظاهرها، وبقيت عينها.
وقال كبار أصحابنا: المذهب ما ذكر في "الأم"، لأن عينها تبقى ولكنها تبدل وعند التأمل الأمر بخلافه. وقال ابن القطان من أصحابنا: طهر بالطبخ بالنار، لأن النار تأكل السرجين، ويبقى الطين، وهذا لا يصح لأن ما نجس بمجاورته يبقى.
وروي أنه سئل الشافعي عن هذا النص، فقال:"إذا فاق الشيء اتسع"، ولم يرد الطهارة، بل أواد إباحة استعماله في غير الصلاة إذا لم يمكن التحرز منه، وإن كانت النجاسة مائعة كالخمر والبول، فإن لم يطبخ فكالأرض يبال عليها فطهارته بأن يكاثر بالماء، حتى يصير اللبن طيناً، ثم يكاثر الطين بالماء حتى تستهلك النجاسة فيه، فيطهر كله، ثم إن شاء ضربه لبناً وإن شاء تركه، ولو طبخه فغسل يطهر ظاهره دون باطنه، لأن الماء يجري على ظاهره فيزول عنه حكم النجاسة، لأنه ما بقي له غير بحال، فإن أراد غسل باطنه دقه حتى يصير تراباً، ثم كاثر بالماء، فيطهر الكل.
قال بعض أصحابنا بخراسان: إذا صب عليه الماء وكاثره حتى خلص الماء إلى الوجه الآخر وتقاطر بالرشح طهر كما تطهر الأرض، وهذا صحيح لو تصور جريان الماء إلى الجانب الأخر حتى يحصل الغسل.
وحكي عن أبي حامد رحمه الله أنه علل، فقال:"لا يطهر، لأن النجاسة صارت جامدة، وصار اللبن حجراً لا ينشف الماء"، وفيه نظر.
مسألة: قال: "والبساط كالأرض".
الفصل
وهذا كما قال: لا تصح الصلاة حتى يكون طاهراً [١٨٠ ب / ٢] في ثيابه وبدنه، وأن