للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجب فضل العبادة.

فأما الجواب عن أخذ الجزية من موهب النصراني بمكة، فهو أنه قبل نزول هذه الآية، لأنها نزلت سنة تسع.

وأما الجواب عن دخول المساجد، فهو أن حرمة الحرم أعظم، لتقدم تحريمه، ولوجوب الإحرام في دخوله، وللمنع من قتل صيده.

وأما الجواب عن المسلم الجنب، فهو أنه لما لم يمنع الجنب والحائض من الاستيطان لم يمنع من الدخول والمشرك ممنوع من الاستيطان فمنع من الدخول.

فإذا تقرر أنه لا يجوز أن يدخل الحرم مشرك، وورد المشرك رسولًا إلى الإمام وهو في الحرم، خرج الإمام إليه، ولم يأذن له في الدخول، فلو دخل مشرك إلى الحرم لم يقتل، وعزر إن علم بالتحريم، ولم يعزر إن جهل، وأخرج، فإن مات في الحرم لم يدفن فيه، فلو دفن فيه نبش، ونقل إلى الحل إلا أن يكون قد بلي، فيترك كسائر الأموات في الجاهلية.

ولو أراد مشرك أن يدخل الحرم، ليسلم به منع من دخوله، حتى يسلم، ثم يدخله بعد إسلامه، فلو صالح الإمام مشركًا على دخول الحرم بمال بذله كان الصلح باطلًا، ويمنع المشرك من الدخول، فإن دخل إليه أخرج منه، ولزمه المال الذي بذله، مع فساد الصلح، لحصول ما أراد من الدخول، واستحق عليه ما سماه دون أجرة المثل، وإن فسد، لأنه لا أجرة لمثله لتحريمه. وحد الحرم من طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت نفار على ثلاثة أميال. ومن طريق العراق على بنية خل بالمقطع على سبعة أميال.

ومن طريق الجعرانة من شعب آل عبد الله بن خالد على سعة أميال. ومن طريق الطائف على عرفة من بطن نمرة على سبعة أميال. ومن طريق جدة منقطع الأعشاش على عشرة أميال.

فصل:

وأما الحجاز فلا يجوز أن يستوطنه مشرك، من كتابي ولا وثني، وجوزه أبو حنيفة كسائر الأمصار احتجاجًا بإقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم إلى أن قبضه الله تعالى إليه، ولأن كل أرض حل صيدها حل لهم استيطانها كغير الحجاز.

ودليلنا: ما رواه عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان آخر ما عهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان" وهذا نص.

<<  <  ج: ص:  >  >>