والمجانين.
فأما الجواب عن قياسهم على الزكاة، فمن وجهين:
أحدهما: أنها جزية، فكان اعتبارها بالجزية أولي من اعتبارها بالزكاة.
والثاني: أنها لما خرجت عن الزكاة قدراً ومصرفًا خرجت عنها حكمًا والتزامًا.
فصل:
وإذا كان النصاب في مضاعفة الصدقة عليهم معتبراً، ففي زمانه وجهان:
أحدهما: أنه يعتبر بوجود النصاب في الحول كله كالزكاة.
والثاني: أنه يعتبر وجوده في رأس الحول؛ لأنه لما اعتبر اليسار بدينار الجزية، في رأس الحول كذلك النصاب؛ لأن المأخوذ منه جزية. فإذا تقرر هذان الوجهان لم يخل النصاب من أربعة أحوال:
أحدهما: أن يكون موجودًا في الحول كله، فيؤخذ منه.
والثاني: أن يكون معدومًا في الحول كله، فلا شيء عليه.
والثالث: أن يكون موجودًا في آخره معدومًا في أوله، فعلى الوجه الأول لا شيء فيه اعتبارًا بالزكاة، وعلى الوجه الثاني يجب فيه ضعف الصدقة اعتبارًا بالجزية.
والرابع: أن يكون موجودًا في أول الحول معدومًا في آخره، فينتظر فيه فإن عدم بالتلف، فلا شيء فيه، وإن عدم بنقله إلي مال غير مزكى أخذ منه؛ لأنهم مهتمون لا يتدينون بأدائها، فأخذت منهم، والمسلمون لا يهتمون، لأنهم يتدينون بأدائها، فلم تؤخذ منهم.
فصل:
وإذا بذل قوم من أهل الحرب للإمام في وقتنا أن يعقد معهم الذمة على مضاعفة الصدقة كالذي فعله عمر جاز اقتداء به، وإتباعًا، ولو سألوه أن يعقدها على صدقة واحدة من غير مضاعفة جاز إذا لم تنقص عن دينار الجزية، فإن نقصت عنه لم يجز أن يعقدها معهم وجهًا واحدًا؛ لأن ما قدمنها من الأوجه الثلاثة، إنما هي في عقد أمضاه إمام مجتهد، فإذا عقد عقدًا مستأنفًا، فلا يمضي بأقل من دينار الجزية، فإذا بلغ أخدهما من بعضهم دينارًا على كل رأس منهم، ففي جوازه وجهان:
أحدهما: وقول أبي إسحاق المروزي لا يجوز، لأن فيهم من لا يؤدي دينارًا.
والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة يجوز؛ لأن المطلوب أخذ دينار عن كل رأس وقد أخذ.