الفتح:"ومن دخل المسجد فهو آمن. وهذا غلط لقوله تعالى:{فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (التوبة: ٢٨]، والآية بعد سنة تسع من الهجرة وفيها نزلت سورة برا، ة. وأما ما ذكر صار منسوخاً بهذه الآية. وأما غير الحرم، فلا بأس أن يدخل فيما يجوز للمسلم أن يدخل فيه من المساجد وغيرها، ويجوز أن يبيت فيه لما روي أن ثمامة بن أثال الحنفي ربط على سارية المجد بأمر وسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جماعة من المشركين في المسجد، وهم وفد ثقيف.
قال أصحابنا: ولا يجوز لهم ذلك من دون إذن المسلم. ورواه بعض أصحابنا بالعراق عن الشافعي. وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل يحتاج إلى إذن المسلم؟ وجهان، والظاهر أنه لا يحتاج إليه، وبه قال أبو يعقوب الأبنوردي، هل يجوز للمشرك المقام في المسجد قولان. قال: وقد قيل هذا على حالين، فإن كان بإذن المسلم رجاء إن ينزجر عن كفره بسماع القرآن ومشاهدة الصلوات جاز، وإلا فلا يجوز لاستخفافه بالمسجد.
وقال مالك رحمه الله: "لا يجوز لهم دخول المسجد أصلاً، وان كان بالإذن قياساً على المسجد الحرام"، وهذا غلط، لأن للمسجد الحرام من الاختصاص بالطواف والمناسك وتحريم قتل الصيد ما ليس لغيره.
وقال أحمد رحمه الله: "ولا يجوز له دخول الحرمين، وفي سائر المساجد روايتان: أحدهما: لا يجوز.
والثانية: يجوز بالإذن". ثم قال المزني رحمه الله: "إذا بات فيه المشرك، فالمسلم الجنب أولى"، لأنه ربما تكون حائضاً، أو جنباً مع المشرك، فمن أصحابنا من قال: استدل المزني لجواز مقام الجنب فيه بمقام المشرك فيه. قلنا: من أصحابنا دن قال: نحن إنما [١٨٣ ب / ٢] نبيح للمشرك والمشركة دخول المسجد إذا لم نعلم منهما جنابة، فإن علمنا، فلا يجوز التمكن من ذلك.
ومن أصحابنا من قال: يبيح له بكل حال، وهو الظاهر. والفرق أن المشرك غير معتقد تعظيم حرمة المساجد، والمسلم معتقد تعظيم حرمتها، فطولب بموجب اعتقاده. وهذا يمنع الملم من قراءة القرآن جنباً، لأنه يعتقا تعظيمه، والكافر لو تعلم القرآن وجعل يقرأه، وهو جنب لا يمنع منه ذكره ابن سريج. وفي هذا الاستشهاد نظر عندي.
ومن أصحابنا من قال: مذهب المزني أنه لا يقيم فيه المشرك وأراد بهذا الكلام