فإن كانت لا تأمن تلويث المسجد ويخاف أن يقطر الدم منها فيه يكره لها العبور فيه، كما قلنا في المستحاضة، ومن به سلس البول [١٨٢ ب / ٢] إذا كان لا يأمن ذلك ولهذا قلنا: يمنع الصبيان والمجانين والسكران من المسجد لئلا يؤدي إلى هذا، فإن كان واحد من هؤلاء لا يحبس البول متى جاءه، والسكران ربما يتقيأ فيه، وهذه الكراهة كراهة تحريم.
وقال أنس: يا رسول انه تخرج الحائض الخمرة من المسجد؟ قال:"نعم، وتمر إن كان طريقها فيه"، وقيل: إنها كراهة تنزيه. والأول، وان أمنت تلويث المسجد بأن تلجمت واستوثبت، هل يكره لها العبور؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يكره كالجنب، لأنه حدث يزول بالغسل كالجنابة. وقول الشافعي:"وأكره ممر الحائض"، أراد إذا كانت لا تأمن تلويثه.
ومن أصحابنا من قال: يكره لها العبور بكل حال لظاهر لفظ الشافعي، ولأن الحيض أغلظ حكماً، لأنه يمنع الجماع دون الجنابة، وهذا ضعيف، لأنهما استويا في المزيل كالبول والدم سواء، وأما الذي على بدنه نجاسة، ولا يخاف منها تلويث المسجد، فله دخوله والمقام فيه.
فرع
لو احتلم في المسجد يخرج، فإن خاف العسس يتيمم بتراب غير تراب المسجد، فإن لم يجد إلا تواب المسجد لا يتيمم به كما لو وجد تراباً مملوكاً للغير، ولكنه لو تيمم به جاز.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان له بابان، فأراد أن يخرج من الأبعد، فإن كان لغرض جاز، وإن لم يكن لغرض فيه وجهان، هل يكره أم لا؟.
فَرْعٌ آخرُ
إذا أراد أن يقعد في المسجد لا لغرض صحيح يكره لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما بنيت المساجد لذكر الله تعالى"، وان كان لمذاكرة العلم أو لاستماع الوعظ والعلم لا يكره.
مسألة: قال: "ولا بأس أن يبيت المشرك في كل مسجد إلا المسجد الحرام".
وهذا كما قال: المشرك لا يدخل الحرم بحال [١٨٣ أ / ٢] لا بالإذن ولا بغير الإذن، وأراد بالمسجد الحرام جميع الحرم حتى قال الشافعي:"ويخرج الإمام منه إلى الرسل"، أي: لا يأذن للرسل في دخول الحرم ومسجده أيضاء واحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم - يوم