إذا طلب أحد الشريكين القسمة والشيء مما يجاب فيه إلى القسمة دون رضى الآخر فالأجرة تلزمهما جميعًا ولا يختص بالتزامها هذا الذي يطلب القسمة وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد, وقال أبو حنيفة: الأجرة على طلب القسمة لأنها حق له, وهذا لا يصح لأن الأجرة تجب لإفراز الأنصباء وهم فيها سواء الأجرة عليهم كما لو تراضوا عليها.
فرع آخر
قال الشافعي رضي الله عنه: ولو كان في جملتهم يتيم ففي نفسي من أحمل عليه شيئًا وهو ممن لا رضي له شيء, فاختلف أصحابنا فيه هل أشار بذلك إلى القسمة أو الأجرة فقيل: أشار إلى أصل القسمة فخرجوها على وجهين: أحدهما: يمنع, والثاني: يجاب وقيل: أشار إلى أجرة القسمة لأن القسمة لا تمتنع بحق الصغير إذا احترزها الكبير لأن الصغر لا يمنع الحقوق فهل يلزمه أجرة القسمة؟ فيه وجهان: أحدهما: يلزمه الحاكم ولم يسقط منها مع عدم حفظه بها كما يلزمه مما لاحظ له فيه مؤنه وكلفة, والثاني: يقول الحاكم لشركاء الصغير إن أردتم القسمة التزمتم قسطه من الأجرة ولم يوجب في ماله ما لاحظ له منه وهذا اختيار أكثر أصحابنا بخراسان.
مسألة: قال: "وإذا تداعوا إلى القسمة وأبى شركاؤهم فإن كان ينتفع كل واحد منهما بما يصير إليه مقسومًا أجبرتهم على القسمة".
اعلم أن الملك إذا كان مشتركًا بين اثنين وأكثر فطلب بعضهم القسمة فلا يخلو إما أن ينتفع كل واحد منهم بهذه القسمة بحيث لا ضرر على أحدهم أو كان على واحد منهم ضرر وينتفع بها كل واحد منهم مثل أرض من شريكين أو دار واسعة أو دور مختلفة تقسم فنصيب كل واحد منهم دار بحكم هذه القسمة فإنه يجاب كل شريك دعا إلى القسمة ويجبر الممتنع عليه بعدما لم يحتج في القسمة إلى أن يرد أحدهم على الآخر بعض قيمة ما يصير إليه وهذا لأن المالك يحتاج أن ينتفع بملكه منفعة تامة, وإذا كان مشتركًا لم يمكنه ذلك لأنه إذا طلب الزراعة والعمارة ربما لم يجبه الشركاء إليه, فإذا طلب إقرار لملكه لينتفع به أجيب إليه, وإن كان يلحق كل واحد منهم ضرر بالقسمة لم يجبر الحاكم الممتنع عليها, ولكن إذا رضوا بالقسمة سألوا الحاكم أن ينصب من يقيم بينهم قسمة مراضاة أجاب إلى ذلك.
وإنما لم يجبر لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا ضرر ولا ضرار في الإسلام من ضار الله به, ومن شاق شق الله عليه", وروى بصير مولى معاوية مرسلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم:"نهى عن قسمة الضرار" وروى محمد بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعضية