طلب فإن كان الحاكم أمر بها تحسب أجره المثل, وإن كانوا دعوا إليها فيه ثلاثة أوجه: أحدهما: وهو ظاهر مذهب الشافعي رضي الله عنه لا أجره, والثاني: وهو ظاهر مذهب المزني له الأجرة, والثالث: وهو إن جرت عادته بأخذ الأجرة فله الأجرة, وإن لم تجر عادته فلا أجرة, ولو استأجروه على التفاوت وعرف نصيب كل واحد منهم جاز وله أن يشترط على صاحب القليل جعلًا كثيرًا ويرضى من صاحب الكثير يجعل قليل لأنها عقود, وإن ذكر جملة الأجرة في عقد واحد فإن قال: آخذ من صاحب النصف خمسة, ومن صاحب الثلث عشرة, ومن صاحب السدس خمسة عشر.
ولو استأجروه بأجرة واحدة أو استأجروه بأجرة مجهولة ففي المسمى لزمهم أجرة المثل يلزمهم ذلك على قدر الأنصباء لا على عدد الرؤوس, وقال بعض أصحابنا: هو قول مخرج للشافعي رضي الله عنه تخريجًا من الشفعة فإنها بعدد الرؤوس في أحد القولين, واحتج بأن عمله في نصيب كل واحد منهم كعمله في نصيب الآخر تساوت الأنصباء أو اختلفت قلنا: ليس كذلك لأن عمله في أكثر النصيبين أكثر لأنه لو كان المقسوم مكيلًا أو موزونًا فكيل الكثير أكثر من كيل القليل, وكذلك الوزن, ثم يبطل بأجرة الحافظ فإن حفظ القليل والكثير سواء وتختلف الأجرة باختلاف القدر, وقال أبو يوسف ومحمد: القياس يقتضي أن يكون على عدد الرؤوس ولكنا أوجبناها على قدر الأنصباء استحسانًا.
وأما قول الشافعي رضي الله عنه فاستأجرهم بما شاء أراد لا ينبغي للقاضي أن يضرب للقسام راتبًا معلومًا ولكن يستأجر الخصم بما شاء ورضي به القاسم, والشافعي قال بما شاء ولم يقل بما شاءا جميعًا لعلمه أن القاسم يستكمل حقه وربما يستكره المقتسم على ما فوق حقه. .
فرع
لو كان القاسم اثنين فلهما في الأجرة ثلاثة أقوال: أحدها: أن يستحقا أجرة المثل فلكل واحد ذلك, والثاني: أن يكون لكل واحد منهما أجرة مسماة, فيختص كل واحد منهما بأجرته قلت أو كثرت, سواء تساويا فيها أو تفاضلا, والثالث: أن يسمي لهما أجرة فليس على المقتسمين غيرها, وفي اقتسامهما لها وجهان: أحدهما: أنها بينهما نصفين اعتبارًا بالعدد, والثاني: أنها على أجر مثلهما اعتبارًا بالعمل.
فرع آخر
لو أفرد العقد مع واحد ولا يقال: أجرت نفسي منك لأفرز نصيبك وهو النصف من هذه الدار على كذا فإنما يصح إذا رضي الآخر بالقسمة أو كانت بحيث لا يحتاج إلى رضاهم فإما حيث يحتاج إلى الرضى ولم يرضوا بعد فعقده فاسد في نصيب هذا.