من دعا إليها, وإن قلنا: لا يجبر لم يترجح قول واحد منهما ووقفت على مراضاتهما بأحدهما.
فرع آخر
قسمة الدار المشتركة تكون على الضروب الأربعة فإذا قسمت على إجبار أو تراض وكان لكل واحد من السهمين طريق منفرد يختص به أمضيت القسمة عليه وإن لم يكن لواحد منهما طريق إلا أن يجد من الملك ما يكون طريقًا لهما وجب أن يخرج من الملك قبل القسمة فيما يكون طريقًا لهما مشتركًا بينهما, ثم يقسم بعده ما عداه.
وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى إذا تنازع في عرفهم أن يجعل سبعة أذرع وروي أنه قال: إذا تنازعتم في طريق فاجعلوه سبعة أذرع, وهذا يجوز أن يكون محمولًا على عرف المدينة فإن البلاد تختلف طرقها بحسب اختلافها وقد يحتاج إلى الأكثر من هذا ويتحمل أنه قال على معنى الإرفاق والاستصلاح دون الحصر والتحديد وهذا في الطرق العامة, فأما في هذا الاستطراق الخاص بين هذين الشريكين, قال أبو حنيفة: تكون سعت بقدر ما تدخله الحمولة ولا يضيق بها, وعند الشافعي يكون معتبرًا بما تدعو الحاجة إليه في الدخول والخروج وما جرت العادة بحمل مثله إليها ولا يعتبر بسعة الباب لأنهما قد يختلفان في سعة الباب كما اختلفا في سعة الطريق ولأن طريق الباب في العرف أوسع من الباب.
مسألة:"قال وإذا ادعى بعضهم غلطًا كلمة البينة".
صورة المسألة: أن يقسم رجلان أرضًا ثم ادعى أحدهما: غلطًا عليه وإن لم يحصل له كمال حقه فلا يخلو إما أن يكون ذلك قسمة إجبار, أو قسمة مراضاة فإن كانت قسمة إجبار لم تقبل دعواه ويكون القول قول الشريك الذي يدعي أن حقه في يده مع يمينه لأن الظاهر من القسمة الصحة, ولا يحلف القاسم لأنه حاكم, وإن أقام البينة وهي أن يأتي بقاسمين عدلين أنه حيف عليه ونقص من حقه نقضت القسمة, لأن ذلك ليس بأكثر من الحكم ولو قامت البينة أن الحاكم غلط في حكمه نقض كذلك ههنا, وإن كانت قسمة مراضاة فإن كانا اقتسما لأنفسهما من غير قاسم لم تقل دعواه لأنه رضي بأخذ حقه ناقصًا وأقر باستيفاء حقه, وفي الدعوى يكذب نفسه فلا يقبل بخلاف المسألة الأولى لأنه أقر في فعل الغير فيقبل قوله: إني أقررت ورضيت على ظاهر أن الغيب مصيب فبان لي الخطأ.
فإن ادعى في هذه المسألة أن صاحبه يعلم الغلط قال بعض أصحابنا بخراسان: يلزمه اليمين أنه لا يعلم, وقال أيضًا: لو ادعى من حيث المشاهدة أن فيه غلطًا وأني