غلطت في الحساب واتفقا أنه لم يكن هناك ولا سبب يوجب الآخر أكثر من النصف وكان بينهما من قبل نصفين ودلت المشاهدة على أن هذا يوجب أن لا ترد دعواه؛ إذ لا يؤاخذ كذبه المشاهدة فيستوي حكم الفصلين أن عليه البينة وعلى صاحبه اليمين, وإن كانا نصبًا قاسمًا ففيه قولان: أحدهما: يعتبر التراضي فيها في الابتداء فقط والثاني يعتبر التراضي في الابتداء وبعد خروج القرعة وهما مبينان على أنهما لو حكما رجلًا فحكم بينهما هل يعتبر رضاهما بعد الحكم؟ قولان؛ والمنصوص الظاهر أنه يعتبر التراضي بعد القرعة, فإن قلنا: يفتقر التراضي في الابتداء أو بعد خروج القرعة لم تقبل الدعوى لأنه رضي بعد تعيين الحق بأخذه ناقصًا, وإن قلنا يفتقر إلى التراضي في الابتداء فقط فهي بمنزلة قسمة الإجبار.
فرع
قال الشافعي رضي الله عنه: وإذا اختلفا في الحد الذي ينتهي نصيب كل واحد منهما فقال أحدهما: تنتهي حصتك إلى هذا الموضع, وقال الآخر: تنتهي إلى موضع بعده فإنهما يتحالفان, فإذا تحالفا انفسخت القسمة, وإن قال أحدهما لصاحبه: حدي ينتهي إلى الموضع الفلاني وأنت غصبتنيه وأضفته إلى حصتك فالقول قول الذي في يده لأنه اعترف له باليد وادعى الغضب.
مسألة: قال: "وإذا استحق بعض المقسوم أو لحق الميت دين فبيع بعضها انتقض القسم".
صورة المسألة: أن يقسم الشريكان الأرض ثم استحق بعض نصيب أحدهما فلا يخلو إما أن يستحق شيء بعينه, أو مشاعًا, فإن استحق قطعة من نصيب أحدهما بعينه بطلت القسمة وردت على ملكهم وميز ملكهم, والذي استحق يكون من جميع الأرض.
والثاني: يكون بين الشريكين ويكون قد بقي لمن استحق بعض نصيبه حقًا في الأرض التي حصلت بالشركة فصارت الإشاعة كما كانت فبطلت القسمة اللهم إلا أن يستحق قطعة أرض بعينها مثل ما استحق من نصيب الآخر قطعة بعينها فبقي مع كل واحد منهما مثل ما بقى مع الآخر فتكون القسمة بحالها.
وإن استحق بعض الأرض مشاعًا فالقسمة قد بطلت في العدد المستحق, وهل تبطل في الباقي؟ اختلف أصحابنا فيه فقال ابن أبي هريرة: هذا مبني على القولين في تفريق الصفقة, فإن قلنا: لا تفرق بطلت القسمة في الكل, وإن قلنا: تفرق لم تبطل في الباقي, وقال أبو إسحاق تبطل قولًا واحدًا في الكل لأن القصد من القسمة تمييز الحقوق وهنا قد عادت الإشاعة في نصيبهما لأن المستحق صار شريكًا لكل واحد منهما فبطلت القسمة ويفارق البيع لأنه لما جاز عقد البيع في الابتداء بالتراضي جاز