والثوب الواحد إذا اختلف فيه لاختلاف نقوشه وألوانه لا يجبر على قسمته بلا خلاف.
وأما الطعام فعلى ضربين: مائع وجامد, فالجامد مثل الحنطة والعدس والحمص وغير ذلك يجبر على قسمتها لأن أجزائها متعادلة, وإذا قسم كيلًا كما يباع كيلًا ولا يضم نوع منها إلى نوع قولًا واحدًا.
وأما المائع فإن لم يكن دخله ماء ولا نار قسم جبرًا كخل الخمر والأدهان لتساوي أجزائها, وإن دخلته النار نظر, فإن دخلته للتصفية لا لعقد الإجزاء مثل العسل والسمن ونحو ذلك جازت قسمته, وإن دخلته النار لعقد الإجزاء كالدبس ونحوه فإن قلنا: القسمة بيع لم يجز كما لا يجوز بيع بعضه ببعض, وإن قلنا: إفراز حق يجوز.
وأما قسمة الحيوان والعبيد وغيرها فالخلاف فيها كالخلاف في الثياب, ونص الشافعي على جواز قسمة الرقيق في كتاب العتق فيقول: إن تفاضلوا لا يجبر, وإن تماثلوا ففيه وجهان: ظاهر المذهب أنه يجبر وبه قال ابن سريج وأبو إسحاق, وقال ابن أبي هريرة وابن خيران: لا يجبر وأصل هذا حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه في إعتاق المماليك في مرضه فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فجعله ابن سريج دليلًا على قسمة الإجبار, وحمله ابن خيران على جوازه في العتق لاختصاصه بالجبرية فلا يجوز في غيرها, قال ابن خيران: وإن قال قائل: أليس تجب شاة في أربعين شاة فيؤخذ منها وذلك قسمة قلنا: ذاك ليس بقسمة, ولذلك يجوز أن يؤخذ من غيرها ويجب في الكبار جذعة من الضأن أو ثنية من المعز فدل أنه ليس بشركة ولا أخذها بقسمة, وبقولنا قال أبو يوسف ومحمد: إن الحيوان كلها تقسم, وقال أبو حنيفة: الرقيق لا يقسم لأنه تختلف منافعه ويقصد منها العقل والدين والفطنة ولا يقع التعديل بخلاف الشاة والبقر وهذا لا يصح لأن القيمة تجمع ذلك ويحصل التعديل, ولو اختلفت منافعها باختلاف أنواعها كالضأن والمعز يقسم كل نوع على الانفراد بلا تعيين وكذلك إذا كان بعض المعز تركيًا وبعضها هنديًا لا يقسم جبرًا, واعلم أن الشافعي رضي الله عنه أجاز قسمة الكلاب كما أجاز الوصية بها فمن أصحابنا من أجاز قسمتها إجبارًا وجهًا واحدًا للنص عليه وأنها بخروجها عن القيمة تجري مجرى ذوات الأمثال وقيل: فيه وجهان أيضًا وجعل هذا النص دليلًا على أنه أصحها, وأما الآلات من الخشب كالأبواب والأواني فكالحيوان إن اختلفت لا يجبر, وإن تماثلت فيه وجهان.
وأما قسمة الحمامات والأرجاء ليأخذ كل واحد منهما واحدًا, قال ابن القاص: من أصحابنا من قال: لا يجوز لأن قسمة كل واحد منها في نصيبه لا يصح فجازت قسمة حملتها كالحيوان, ثم ذكر عن ابن سريج أنه كان يفرق بينهما ويقول: الأصل البقاع والرحى والحمام بقعة وإنما لا يتهيأ قسمتها للجارة ونحو ذلك, فإذا كان كذلك كان