معنى القسمة التي فيها الرد فلم تجز إلا بالتراضي, وليس كذلك الحيوان لأن كل واحد منهما لا ينقسم وبنا ضرورة إلى إفراز حقوقهم فجاز إذا كثروا أن يقتسموا إجبارًا وهو كالوجهين في الدكاكين الضيقة.
وأما الدراهم والدنانير [١٢/ ٤٤ أ] وسائر الموزونات التي لها مثل يجوز قسمتها جبرًا ولا يجوز قسمة الجواهر لتفاوتها وتباين قيمتها, وهل يعتبر التقابض قبل التفرق في قسمة الدراهم؟ قولان بناء على أنها بيع أو إفراز حق.
ولو كانت حنطة بعضها عراقية, وبعضها شامية, فإن اختلفت فيه أنواعه يصير إلى كل نوع كالجنس يقسم على انفراد, وإنما تماثل قيمة أنواعه فيه وجهان: أحدهما: يغلب حكم الجنس لتماثله فيجوز أن يقع الإجبار في إفراد كل واحد نوع, والثاني يغلب حكم النوع لامتيازه فيقسم كل نوع على انفراده وهذا أشبه, وأما الحديد يقسم جبرًا إن لم يكن مصنوعًا, فإن كان مصنوعًا أو أواني فإن اختلفت لا يجبر, وإن تماثلت فوجهان كما ذكرنا في الحيوان.
أما قسمة الدين, فإن كان على غريم واحد فقسمته فسخ الشركة, فإذا فسخت انقسم الدين في ذمة الغريم ويجوز أن ينفرد باقتضائه, ولو كانت الشركة على حالها لم يجز لأحدهما: أن ينفرد بقبض حقه منه وكان ما قبضه مشتركًا إن يقبضه عن غير إذنهم, وإن أذنوا في قبض حقه كان إذنهم له في قبض حقه فسخًا لشركته ولا وجه لمن خرجه على القولين في المكاتب إذا أدى إلى أحد الشريكين بإذن شريكه هل نختص فيه قولان لأن الفرق ظاهر وهو ثبوت الحجر على المكاتب وعدمه في حق الغريم [١٢/ ٤٤ ب].
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان وليس بشيء على ما ذكرنا, وإن كان الدين على غرماء يختص كل واحد بما على واحد لم يجز جبرًا لأن الغرماء يتفاضلون في الذمم واليسار وهل يجوز اختيارًا؟ فيه قولان بناء على أنها إفراز حق أو بيع فإذا قلنا: لا يجوز فيه فوجه الصحة أن يحيل كل واحد لأصحابه بحق على الغريم الذي لم يختره ويحيلوه بحقوقهم على الغريم الذي اختاره فيتعين الحق بالحوالة دون القسمة, وأما قسمة الرطب والعنب قد ذكرنا فيما قبل إنها إن قلنا: إن قسمة إفراز حق يجوز إجبارًا واختيارًا بكيل أو وزن وهل يجوز بالخرص قسمة الإجبار لأن المقصود بها التحقيق المعدوم في الخرص في قسمة الاختبار لأنها محمولة على التراضي, وإن قلنا: بيع لا يجوز أصلًا وأما قسمة الوقف فقد ذكرنا أنه إن اختلط بملك لا يجوز لأن حقوق أهله مقصودة على منافعه, بيع ففيه قولان: أحدهما: لا يجوز جبرًا ولا اختيار تغليبًا للوقف, والثاني يجوز جبرًا واختيارًا تغليبًا للملك.
فرع
قال بعض أصحابنا بخراسان: لو كانت دارًا مشتركة وفي أحد نصفين الدار بيت مزوق هل يجبر على القسمة من غير رد قسمة ولا هدم شيء قولان: