للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروف الزمان والمكان, ويجعل يوم جلوسه أول الزمان فإنه أولى من آخره والاعتدال أن يكون له في كل أسبوع يومان إن اتبعا ولا يحل بيوم في كل أسبوع فإن وردت فيما عداه أحكام خاصة لم يؤخرها إن ضرت, ويتخير بين أن يستحلف أو يتولى بنفسه بعد أن يستكمل الراحة والدعة لئلا يسرع إليه ملل ولا ضجر.

والثاني آداب القضاة مع الشهود فمن آدابهم معهم إذا تميزوا وارتسموا بالشهادة أن يكون مقعدهم في مجلسه متميزاً عن غيرهم بالصيانة ولا يساويه واحد منهم في مقعده ولا فيما يخصص به من سواده قلنسوته ليتميز للخصوم القاضي عن شهوده. وينبغي أن يخص الشهود في ملابسهم بما يتميزون به عن غيرهم ليتميزوا عن من يشهدهم كما تميز القاضي منهم. ويسلموا على القاضي بلفظ الرئاسة عليهم ورد القاضي عليهم مجيباً أو مبتدئاً على تماثل وتفاضل ويقدم بعضهم على بعض في المجلس والخطاب بحسب ما يتميزون فيه من فضل وعلم بخلاف الخصوم الذين يلزمه التسوية بينهم, وإن تفاضلوا فإن حضروه في غير مجلس الحكم جلسوا في مقاعدهم المعروفة في مجليه ورتبهم فيه على اختياره وقطع تنافسهم فيه فإن التنافس يوهن العدالة, فإن تنافسوا في التقدم في أداء الشهادة [١٢/ ٥٠ ب] كان قدحا في عدالتهم بالتمنع في أدائها وإن تنافسوا في الجلوس لم يقدح في العدالة ما لم يتنابذوا ويجو في غير مجلس الحكم أن يحادثهم القاضي ويحادثونه ويؤانسونه بما لا نتخرق به الحشمة ولا تزول معه الصيانة.

فأما حضورهم في مجلس الحكم فعليه وعليهم من التحفظ والانقباض فيه أكثر مما عليهم في غيره, فإن أحب القاضي أن يفردهم عن مجلسه في موضع معتزل ليستدعوا منه إقامة الشهادة كان أولى وكانوا بمنظر ومسمع وخص منهم شاهدين لمجلسه ليشهدوا بما يجري من الدعاوي والأحكام, وإن أحضرهم جميعاً في مجلسه جاز كانت ميمنة مجلسه أولى بهم من ميسرته, فإن افترقوا في الميمنة والميسرة جاز, وإن كان اجتماعهم أولى.

ويكون جلوس الكاتب في مجلسه بحيث يواجه القاضي ويشاهد الخصوم ويجمع بين سماع كلامه وكلامهم وجلوسه في الميسرة أولى به من الميمنة لأن حاجة القاضي في الإقبال عليهم أكثر منها على الشهود, وإقباله على ميسرته أسهل عليه من إقباله على ميمنة , وينبغي للقاضي أن يكف عن محادثة الشهود ويكفوا عن محادثته ويكون القاضي لهم مقصورا على الأدب في الشهادة وكلامهم له مقصوراً على أداء الشهادة ويغضوا عنه أبصارهم ولا يلقنهم شهادة ولا بتعنتهم فيها [١٢/ ٥١ أ] ولا يسألهم عن سبب تحملها, فإن أخبروه بسبب التحمل كان أولى إن تعلق به فضل بيان وزيادة استظهار أو كان تركه أولى إن لم يفد, ولا ينبغي للقاضي أن يستدعيهم للشهادة ولا ينبغي لهم أن يبدؤوا بها إلا بعد استدعائهم. والذي يجب فيه أن يستأذن المشهود له القاضي في إحضار شهوده, فإن أذن له أحضرهم وقال لهم القاضي: بم تشهدون؟ على وجه الاستفهام

<<  <  ج: ص:  >  >>